للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: ١٤٦]، فالاستثناء كان من التحريم، فأفاد الإباحة في جميِع هذه الأشياء، ومثله قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: ٣١]، فهنا لا تفيد الشك قطعًا (١).

وإذا دخلت "أو" على مفردين فإنها تفيد ثبوت الحكم لأحدهما، نحو: جاءني زيد أو عمرو، وإذا دخلت على جملتين أفادت حصول مضمون إحداهما، نحو قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠]، وقوله تعالي: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: ٦٦]، فتدل "أو" على أحد الفعلين (٢).

استعمالات أو:

تستعمل "أو" لمعان عدة، أهمها:

١ - الإبهام أو التشكيك: تأتي "أو" للإبهام، ويعبر عنه بالتشكيك، نحو: قام زيد أو عمرو، إذا علم القائل القائم منهما، ولكنه قصد الإبهام على المخاطب، فهذا تشكيك من جهة المتكلم، وإبهام من جهة السامع.

[٢ - بمعنى أو]

تأتي "أو" لمطلق الجمع بين أمرين كالواو، نحو قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ


= الكفارة، وقد يكون مأمورًا فيه بالاجتهاد، كقوله تعالى في الأسرى: {كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤]، فالإمام مخير في الأسير تخير اجتهاد ومصلحة، لا تشهٍّ (البحر المحيط ٢/ ١٨٤).
(١) إذا استعلمت "أو" في الإنشاء فلا تؤدي معنى الشك أصلًا، لأن الإنشاء معناه إثبات الكلام ابتداء، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فتكون "أو" في الأمر (وهو إنشاء) إما للتخيير أو الإباحة أو التسوية، أو نحو ذلك مما يناسب المقام (أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي ١/ ٣٩٠).
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>