للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حزم: فصح أن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كله في الدين وحي من عند الله عَزَّ وَجَلَّ، لا شك في ذلك (١).

ثانيًا: درجة السنة بين مصادر التشريع:

اتفق العلماء على أن السنة مصدر تشريعي مستقل، ولكنها تأتي في الدرجة الثانية بعد القرآن الكريم، فالعالم أو المجتهد يرجع أولًا إلى كتاب الله تعالى لمعرفة حكمه في الواقعة، فإن لم يجد فيه مبتغاه رجع إلى السنة ليستخرج الحكم الشرعي ويستنبطه منها.

والأدلة على ذلك من السنة وعمل الصحابة والمعقول (٢).

١ - السنة: والدليل هو حديث معاذ بن جبل عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وسأله: "كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟ " فقال: أقضي بكتاب الله تعالى، قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ " قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فإن لم تجد؟ " قال أجتهد رأيي ولا آلو. فسُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيده على هذا الترتيب للسنة بعد القرآن الكريم، وأقره عليه بقوله: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي الله ورسوله" (٣).

٢ - عمل الصحابة: فقد ثبت عن أبي بكر وعمر وابن عباس وغيرهم


(١) الإحكام في أصول الأحكام، له: ١ ص ١٠٩، مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٧/ ١١، وقال أيضًا: "السعادة والهدى في متابعة الرسول، وإن الضلال والشقاء في مخالفته، وإن كل خير في الوجود فمنشؤه من جهة الرسول، وإن كل شر في العالم فسببه مخالفة الرسول أو الجهل بما جاء به" مجموع الفتاوى: ١٩/ ٧٦ - ٨١، ٩٣ - ١٠٥.
(٢) انظر بيان ذلك تفصيلًا مع مزيد من الأدلة والأمثلة في (الموافقات ٤/ ٥ وما بعدها).
(٣) سبق تخريج هذا الحديث في المطلب الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>