للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا فالمسلم المؤمن هو من يطبق الأحكام الشرعية كلها سواء وردت في الكتاب الكريم أو جاءت في السنة، بشرط واحد وهو أن تكون السنة صحيحة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومتى ثبتت لديه السنة فليس له عذر قطعًا في تركها أو الابتعاد عنها أو تأويلها بدون مسوغ.

ولا أظن أن هذا الكلام يحتاج إلى دليل، ويكفي أن نذكر بأن السنة ليست من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا باللفظ، أما المعنى فهو من عند الله تعالى، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤] ولقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} [البقرة: ٢٣١] والحكمة هي السنة كما فسرها العلماء، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إني أوتيت الكتابَ ومثلَه معه" (١) وهو السنة، وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُسأل عن أشياء كثيرة فكان يتوقف حتى ينزل عليه الوحي إما لفظًا ومعنى وهو القرآن، وإما معنى ويعبر رسول الله عنه، مثل قضية الظهار واللعان وصفات الله تعالى والإذن بالهجرة والقتال وصلح الحديبية (٢).

والفرق بين السنة والقرآن أن القرآن معجز، ويتعبد بتلاوته، أما السنة فليست كذلك.

قال المحلاوي: واعلم أن من يعتد بعلمه من العلماء قد اتفق على أن السنة مستقلة بتشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام (٣).


(١) سبق تخريج هذا الحديث في مطلب حجية السنة.
(٢) تسهيل الوصول: ص ١٤٠، الإحكام، ابن حزم: ١ ص ٨٧، قال عليه الصلاة والسلام: "قد أخبرت بدار هجرتكم، وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها" وقال أيضًا: "إن الله قد أذن لي بالخروج"، الكفاية للخطيب ص ٤٠ ط مصر.
(٣) تسهيل الوصول، له: ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>