للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض، بقرينة أن الجزاء يزداد بازدياد الجناية، وينقص بنقصانها، فوزِّعت العقوبات وتنوعت على حسب الأفعال، وأيد الجمهور رأيهم بما رواه ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "وادع أبا برزة هلال بن عويمر الأسلمي على ألا يعينه ولا يعين عليه، فجاءه أناس يريدون الإسلام، فقطع عليهم أصحابه الطريق، فنزل جبريل - عليه السلام - بالحد فيهم: أن من قتلَ وأخذَ المال صُلب، ومن قتل ولم يأخذ المالَ قُتل، ومن أَخذَ المال ولم يقتل قُطعت يدُه ورجلهُ من خلاف، ومن جاء مسلمًا هَدَم الإسلام ما كان منه في الشرك" وفي رواية: "ومن أخاف الطريق ولم يأخذ المال ولم يقتل نُفي" (١).

ومثل ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)} [البقرة: ١٣٥]، فلا توجد فرقة تميز بين اليهودية والنصرانية، وإنما اهو إخبار عن جملة اليهود والنصارى أنهم قالوا، ثم فصَّل ما قاله كل منهم.

[٨ - الإيهام]

قد تأتي "أو" لمجرد الإيهام وإظهار النصفة، مثل قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤].

[٩ - أو بمعنى حتى]

قد تستعار "أو" بمعنى حتى إذا وقع بعدها مضارع منصوب، نحو: لألزَمنَّك أو تعطيني، أي: حتى تعطيني، ولهذا قال النحاة: إنها بمعنى إلى؛ لأن الفعل الأول يمتد إلى وقوع الثاني، أو يمتد في جميع الأوقات إلى وقت وقوع الثاني بعده فينقطع امتداده، ومثله قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨]، أي: حتى تقع توبتهم أو تعذيبهم (٢).


(١) هذا الحديث رواه الشافعي (بدائع المنن ٢/ ٣٠٨) والبيهقي (٨/ ٢٨٣) وذكره أكثر المفسرين في سبب نزول الآية.
(٢) مغني اللبيب (١/ ٦٤)، الإتقان (٢/ ١٧٥)، البرهان في علوم القرآن (٤/ ٢٠٩)، الإحكام للآمدي (١/ ٦٣)، كشف الأسرار (٢/ ١٤٣)، فواتح الرحموت (١/ ٢٣٨)، البحر المحيط (٤/ ٢٨٤)، المحلي على جمع الجوامع والبناني (١/ ٣٣٦)، شرح تنقيح الفصول =

<<  <  ج: ص:  >  >>