للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التعدد في الأقوال، وإقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لاختلاف الصحابة، إن دل على شيء فإنما يدل على مرونة الشريعة وسعتها، والتيسير فيها، ورفع الحرج عن المكلفين في تطبيقها.

ثانيًا: أهم أسباب الاختلاف:

سنكتفي بتعداد أهم أسباب الاختلاف مع ضرب بعض الأمثلة، دون التحقيق فيها أو الإفاضة في شرحها، وتوضيحًا للغرض فقد قسمنا أسباب الاختلاف إلى قسمين من حيث صلتها بعلم الأصول.

[القسم الأول]

أسباب الاختلاف التي لا ترجع مباشرة إلى علم أصول الفقه، وكانت سابقة على وجوده، وهي:

١ - الاختلاف في الأمور الجبليَّة، وذلك أن الناس، ومنهم الأئمة والعلماء، قد فطروا على قدرات مختلفة، وطبائع متباينة، وأن تركيب النفس البشرية يختلف من شخص إلى آخر، كما أن القدرات العقلية والملكات الذاتية لا يمكن أن تكون متساوية ومتفقة بين شخصين، ولذلك تختلف وجهات النظر بينهم، وينتج بالتالي اختلاف في الأحكام التي يجتهدون في استنباطها.

يقول الشيخ علي الخفيف: ذلك أن عادات الناس مختلفة، وأعرافهم متعددة، وأعمالهم متنوعة، وآراءهم متعارضة، وأنظارهم متفاوتة، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]، وإذا اختلفت المقدمات اختلفت النتائج (١). ثم يقول: وجد الخلاف


= العصر"، انظر صحيح مسلم بشرح النووي:١٢ ص ٩٧، صحيح البخاري مع حاشية السندي: ١ ص ١١٦، حياة الصحابة: ٢/ ٣٨١.
(١) محاضرات في أسباب اختلاف الفقهاء، له ص ٢، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم =

<<  <  ج: ص:  >  >>