للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكثر في هذه الطريقة أسلوب الفنقلة، أي: "فإن قلت ... قلنا" على طريقة علماء الكلام، وتقل فيها الفروع الفقهية، وهي في الواقع أقرب إلى حقيقة وضع المبادئ والقواعد والأصول التي تعتبر أساسًا، لتأتي الفروع، على منوالها، فالأصول حاكمة على الفروع، وهي دعامة الفقه والاستنباط، وهذا الأسلوب أبعدَ الناسَ عن التعصب لفرع فقهي أو حكم مذهبي.

ولكن هذه الطريق تسرف أحيانًا في الأمور النظرية والعقلية التي يستحيل وقوعها عقلًا أو شرعًا، مثل جواز تكليف المعدوم، والحسن والقبح العقليين، كما تتعرض لبعض بحوث العقيدة وعلم الكلام مثل عصمة الأنبياء قبل النبوة، ويقل فيها الربط بين الأصول والفروع (١).

ثانيًا: طريقة الفقهاء أو الحنفية:

وهي طريقة متأثرة بالفروع، وتتجه لخدمتها، وإثبات سلامة الاجتهاد فيها، وتمتاز هذه الطريقة بأخذ القواعد الأصولية من الفروع والأحكام التي وضعها أئمة المذهب الحنفي، ويفترضون أنهم راعَوْا هذه القواعد عند الاجتهاد والاستنباط، فإن وجدوا فرعًا يتعارض مع القاعدة لجؤوا إلى تعديلها بما يتفق مع هذا الفرع، مثل قولهم: "المشترَك لا يَعُمُّ إلا إذا كان بعد النفي فيعُمُّ" ومثل قولهم: "إن دلالة العام قطعية إلا إذا خصص" ويتفرع على ذلك تقديم النص العام على خبر الآحاد عند التعارض؛ لأن خبر الآحاد ظني، والعام قطعي (٢).

والهدف من هذه الطريقة تجميع الأحكام الفرعية في قواعد كلية،


(١) مقدمة ابن خلدون: ٤٥٥، مباحث الكتاب والسنة: ص ١٠، أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٣٣١، أصول الفقه خلاف: ص ١٧.
(٢) إن تفصيل هذه الموضوعات سيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>