للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حجية المصالح المرسلة]

اختلف الأئمة في حجية المصالح المرسلة واعتبارها دليلًا شرعيًّا ومصدرًا مستقلًا على قولين:

القول الأول: المصالح المرسلة ليست دليلًا مستقلًا، وهو مذهب الشافعية والحنفية (١)، واحتجوا لقولهم بأن الشريعة راعت مصالح الناس بالنص والإجماع والقياس، فكل مصلحة لها شاهد من هذه الأدلة، وأن المصلحة التي لا يشهد لها دليل شرعي ليست في الحقيقة مصلحة، وإنما هي وهم، كما أن بناء الأحكام على مجرد المصلحة فيه فتح لباب التشريع أمام أصحاب الأهواء وحكام السوء والفساد بأن يشرعوا ما يحقق أغراضهم وأهواءهم بحجة المصلحة، ولذا فإن حفظ مقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكل مصلحة لا ترجع لواحد مما سبق فهي باطلة (٢).

القول الثاني المصالح المرسلة دليل شرعي مستقل ومصدر من مصادر التشريع التي يرجع إليها المجتهد، وحجة تبنى عليها الأحكام دون أن تتوقف على دليل شرعي آخر، وهو مذهب المالكية والحنابلة (٣).


(١) أنكر الحنفية الاحتجاج بالمصلحة المرسلة كدليل مستقل، ولكنهم أدخلوها في القسم الثاني من الاستحسان، وهو استثناء حكم من قاعدة للضرورة، وهي المصلحة، انظر المدخل الفقهي، لأستاذنا العلامة الشيخ مصطفى الزرقا: ١ ص ٧٦، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٥٤، ضوابط المصلحة: ص ٣٧٠، ٣٨٠.
(٢) المستصفى، الغزالي: ١ ص ٣١٠، تيسير التحرير: ٤ ص ١٧١، إرشاد الفحول: ص ٢٤٢، الإحكام، الآمدي: ٤ ص ١٤٠، ضوابط المصلحة: ص ٣٦٧.
(٣) إرشاد الفحول: ص ٢٤٢، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٣٨، تنقيح الفصول، القرافي: ١٤٢، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٤١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>