للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضمن القضايا الفرضية أو الافتراضية، ثم سار عليها الخلف تبعًا، وركونًا إلى البحث النظري الذي يحتمل وقوعه في آخر الزمان، وقبل قيام الساعة، ولذلك لا حاجة لبحثها، وعرضناها باختصار شديد عند الكلام على حكم الاجتهاد في المبحث الأول.

[المسألة الرابعة: تفويض الاجتهاد لنبي أو مجتهد]

هذه المسألة فرع لمسألة التصويب والخطأ في الاجتهاد، وصورتها أن يقول اللَّه تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -أو للعالم المجتهد: احكم بما شئت، فهو صواب، وأنه حكم اللَّه تعالى في القضية.

وهذه المسألة إما أن ترجع لطلب الاجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من العالم المجتهد، وهذا جائز لا خلاف فيه، وهو مجال الاجتهاد، وسبقت مشروعيته والعمل به، وإما أن ترجع لتفويض الحكم إلى من كان من أهل العلم، ولم يصل لدرجة الاجتهاد، ليحكم بما شاء من غير نظر واجتهاد، فهذا محل الخلاف والنظر.

وأرى أن العالم إذا لم يصل إلى درجة الاجتهاد ولو جزئيًّا، لا يصح له أن يجتهد أصلًا؛ لأنه يقول بدين اللَّه بغير علم من كتاب وسنة وإجماع واجتهاد، ولا يقبل العقل والشرع أن يقال لهذا المفوض: إن ما حكمت به هو الصواب؛ لأنه لا يعلم بما يريد اللَّه عزَّ وجلَّ، ولا يدري حكم اللَّه تعالى، ولا يدري المصالح التي يهدف إليها الشرع، وأن البحث في ذلك نظري خيالي، لذلك نكتفي بهذه الإشارة دون التعرض للأقوال وأدلتها، ولذلك توقف فيها بعض الأئمة والعلماء.

قال ابن السمعاني رحمه اللَّه تعالى: "هذه المسألة، وإن أوردها متكلمو الأصوليين، فليست بمعروفة عند الفقهاء، وليس فيها كثير فائدة؛ لأنها في غير الأنبياء لم توجد، ولا يتوهم وجودها في المستقبل" وأن ما يدعيه بعضهم بالتفويض لإمام معصوم، فهو منكر، حتى قال قيه الشوكاني: "إنه مجرد جهل بحت ومجازفة ظاهرة" (١).


(١) إرشاد الفحول ص ٢٦٤، وانظر: المحصول (٣/ ١٨٥)، الإحكام للآمدي (٤/ ١٧٠، ٢٠٩)، نهاية السول (٣/ ١٧٦)، جمع الجوامع والبناني عليه (٢/ ٢٩١)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>