للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠]، وترتيب العقوبة على الفاعل، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: ١٠]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ٩٣]، وغير ذلك من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، وجاءت بها السنة النبوية من صيغ تدل على النهي عن الفعل وطلب تركه (١).

دلالة النهي وموجَبه:

إن دلالة النهي حقيقة، وهي موجَبه الأصلي، أنها للتحريم، أي لطلب الترك طلبًا جازمًا، نحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١]، فالقتل حرام، ونحو قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]، فالزنا حرام، وقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} فنكاح المشركة حرام، وفي هذه الحالة لا تحتاج الصيغة إلى قرينة، لأن النهي موضوع لغة للدلالة على طلب الترك على وجه الحتم.

ويرد النهي في معان كثيرة، وتكون من قبيل المجاز، وتحتاج إلى قرينة، فمن ذلك:

١ - الكراهة، نحو قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧]، فترك الطيبات مكروه، وقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧]، فإنفاق الرديء مكروه، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمْسِكَنَّ أحدُكم ذكرَه بيمينِه وهو يَبول" (٢)، فهذا المسك مكروه.

٢ - الدعاء، كقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: ٨]، فهذا النهي يفيد الدعاء للَّه تعالى، ومثله قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].


(١) المراجع السابقة هامش ١.
(٢) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وابن حبان عن أبي قتادة رضي اللَّه عنه مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>