للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلك، ولا يحوطها سور، ولا تشكل علمًا مستقلًا إلى أن جاء الإمام الشافعي فجمع شتاته، ودوَّن قواعده وأحكامه، وصنف أول كتاب في علم أصول الفقه، وهو الرسالة (١).

[الشافعي وتدوين أصول الفقه]

الشافعي: هو أبو عبد الله، محمد بن إدريس، الشافعي القرشي، يلتقي نسبه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف باتفاق المؤرخين (٢)، ولد


(١) يذكر ابن النديم في الفهرست أن أول من دون علم أصول الفقه في سفر مستقل هو الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، وهذا الكلام ليس له دليل علمي، وإنما أثبتت الأدلة التاريخية والواقعية عكسه، وأن ابن خلدون وغيره أكدوا أن الشافعي هو أول من دون علم أصول الفقه، فإن أراد ابن النديم من كلامه وجود ضوابط ومبادئ ومناهج أصولية في مذهب الإمام أبي حنيفة وفي كلام أبي يوسف، فهذا لا يخالفه فيه أحد، فإن الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لم ينطلقوا في اجتهادهم من هوى، أما إن أراد التعصب المذهبي فهذا غير مقبول، والواقع أن عبارة ابن النديم لا تدل على المعنى الذي ينقله عنه علماء الأصول، والعبارة لا توحي بأن للصاحبين كتابًا في أصول الفقه، وإنما يعدد -عند ترجمة الإمام أبي يوسف والإمام محمد- الكتب فيقول: ولأبي يوسف من الكتب في الأصول والأمالي: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب المناسك، الفهرست: ص ٢٠٣، ٢٠٤ تصوير مكتبة الخياط، وتدعي الشيعة الأمامية أن أول من دون أصول الفقه هو الإمام محمد الباقر، ولكن لم يصل إلينا شيء من ذلك، ولم يوجد سند تاريخي يؤيد هذا الادعاء، وإن أريد أن الإمام محمد الباقر وابنه الإمام جعفر الصادق أمليا على أصحابهما قواعده، ثم جاء المتأخرون فجمعوا مسائله، فهذا لا نزاع فيه، والله أعلم، (انظر: أصول الفقه، أبو زهرة: ص ١٤، مباحث الحكم، مدكور: ص ٤٥، أصول الفقه، خلاف: ص ١٦، أصول الفقه، البرديسي: ٩، ١١، تاريخ التشريع الإسلامي، الخضري: ص ١٨٦)، وانظر: الشافعي، محمد أبو زهرة: ص ٣٢٨، مفتاح الوصول: صفحة جـ، الفتح المبين: ١ ص ٨٩، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أول من جرد الكلام في أصول الفقه من الأئمة الشافعي "مجموع الفتاوى ١٠/ ٨٨، ١٩/ ١٧٨، ٢٠/ ٤٠٣.
(٢) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبد الله بن عبد =

<<  <  ج: ص:  >  >>