للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتهاد وقواعد البيان والفهم والاستدلال، ومنهاج للتفكير، وهي في مجموعها براعم أصول الفقه.

وصار كل مجتهد يشير إلى دليل الحكم، ووجه الاستدلال به، ويحتج على مخالفه بوجوه من الحجج، فكان الإمام أبو حنيفة، رحمه الله، يصرح باعتماده على الكتاب فالسنة ففتاوى الصحابة إذا أجمعوا، فإن اختلفوا تخير من آرائهم، ولا يخرج عنهم، ولا يأخذ برأي التابعين لأنهم رجال مثله، ويحدد منهجه في القياس والاستحسان، فكان أصحابه ينازعونه بالقياس، فإن قال: أستحسن، لم يلحق به أحد (١)، ثم يقول: علمُنا هذا رأي، فمن جاء بأفضل منه تركناه، وقال الشافعي في عدم وقوع الطلاق في عدة طلاق الخلع، وقال: "حجتي فيه من القرآن والأثر والإجماع" (٢).

وكان الإمام مالك يتبع منهجًا أصوليًّا واضحًا باعتماده على الكتاب والسنة، واحتجاجه بعمل أهل المدينة، وتقديمه على خبر الآحاد، وغير ذلك من القواعد والمبادئ التي نظمها علم الأصول ونص عليها (٣).

قال الشيخ أبو زهرة: نشأ علم أصول الفقه مع علم الفقه، وإن كان الفقه قد دُوِّن قبله، لأنه حيث يكون الفقه يكون حتمًا منهاج للاستنباط، وحيث كان المنهاج يكون حتمًا لا محالة أصول الفقه (٤).

ولكن هذه المبادئ وتلك القواعد كانت متناثرة هنا وهناك، وتختلف من عالم إلى آخر، ومن مدرسة إلى أخرى، ولا ينتظمها


(١) مباحث الحكم: ص ٤٥، أصول الفقه، أبو زهرة: ص ١٢، علم أصول الفقه، خلاف: ص ١٠٧.
(٢) الأم ٥/ ١٢٣ طبع دار الفكر بدمشق.
(٣) أصول الفقه، أبو زهرة: ص ١٢، حجة الله البالغة: ١ ص ٣٠٧.
(٤) أصول الفقه، أبو زهرة: ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>