للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البواقي، فالمباح يكون مباحًا بالجزء مطلوبًا بالكل على جهة الندب أو الوجوب، ومباحًا بالجزء منهيًا عنه بالكل على جهة الكراهة أو المنع (١) ... ويتابع الشاطبي كلامه ويقول: ونخلص أن كل مباح ليس بمباح بإطلاق، وإنما هو مباح بالجزء خاصة، وأما بالكل فهو إما مطلوب الفعل أو مطلوب الترك، فإن قيل: أفلا يكون هذا التقرير نقضًا لما تقدم من أن المباح هو التساوي بين الطرفين؟ فالجواب أن لا، لأن ذلك الذي تقدم من حيث النظر إليه في نفسه من غير اعتبار أمر خارج، وهذا النظر باعتباره بالأمور الخارجة، فإذا نظرت إليه في نفسه فهو الذي سمي هنا المباح بالجزء، وإذا نظرت إليه بحسب الأمور الخارجة فهو المسمى بالمطلوب بالكل (٢).

[خاتمه الحكم التكليفي]

وإلى هنا ننتهي من الحكم التكليفي وأنه يقسم عند الجمهور إلى خمسة أقسام وهي: الواجب والمندوب والمباح والحرام والمكروه، وزاد الحنفية قسمين: وهما: الفرض، والمكروه تحريمًا، فصار المجموع عندهم سبعة أقسام.

وهذه الأحكام التكليفية تتعلق بأفعال المكلف، فقد يكون الفعل واجبًا كالصلاة، وقد يكون مندوبًا كالنوافل، وقد يكون مباحًا كالبيع والأكل، وقد يكون مكروهًا مثل كثرة الكلام، وقد يكون محرمًا كالسرقة والقتل.

وقد تتعلق هذه الأحكام بفعل واحد، وتعتريه الأحكام الخمسة كلها أو بعضها بحسب الظروف والأحوال التي تحيط به، كالزواج يكون


(١) الموافقات، له: ١ ص ٧٨، وانظر: رسالة المسترشدين: ص ٣٣ هامش.
(٢) الموافقات، له: ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>