للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بالتعدي أو التقصير في الحفظ، ويقاس عليه الأجير أو العامل الذي يُستأجر للعمل في البيت أو المعمل، ولكن استثنوا الأجير المشترك وهو العامل المشترك الذي يعمل للجميع في آن واحد، مثل مصلح السيارة والأحذية وتجليد الكتب، وقالوا: إنه يضمن استحسانًا، إلا إذا كان الهلاك بقوة قاهرة، وسبب الاستحسان هو الحاجة والضرورة في تأمين أموال الناس خشية أن يُهمل المحافظة عليها أو يضيعها ويتلفها بدون مبالاة (١).

[حجية الاستحسان]

اختلف الأئمة في حجية الاستحسان واعتباره مصدرًا من مصادر التشريع على قولين:

القول الأول: أنه حجة شرعية ومصدر من مصادر التشريع، ذهب إلى ذلك الحنفية، وينسب إلى الحنابلة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: ٥٥] وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] فالآيتان تبينان أن المؤمن يتبع الأحسن، أي: يتبع ما يستحسنه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن" أي: ما يستحسنه المسلمون فهو حسن ومقبول عند الله تعالى" (٢).

القول الثاني: أن الاستحسان ليس حجة شرعية ولا مصدرًا ولا دليلًا


= الأجير المشترك (المهذب ٣/ ٥٦١ ط محققة).
(١) انظر أمثلة كثيرة في: كشف الأسرار: ٤ ص ١١٢٦، والتوضيح على التنقيح: ٣ ص ٤، علم أصول الفقه، خلاف: ص ٩١.
(٢) المستصفى ١ ص ٢٧٦، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٣٦، أصول السرخسي ٢ ص ٢٠٤، التوضيح ٢ ص ٢، المسودة ص ٤٥٣، الإحكام، الآمدي ٤ ص ١٣٦، ١٣٩، وسبق تخريج الحديث في الإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>