للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم مجيء عمرو أيضًا، بناء على مخالطة وملابسة بينهما" (١).

وبيَّن ابن النجار رحمه اللَّه تعالى حكمها فقال: "ومعنى الاستدراك: أن تنسب لما بعدها حكمًا مخالفًا لحكم ما قبلها، ولذلك لا بدَّ أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها" (٢).

[شروط الاستدراك]

يشترط في "لكن" لتكون للعطف والاستدراك أربعة شروط:

١ - أن يتقدمها نفي، أو نهي.

٢ - أن يكون الكلام متصلًا بعضه ببعض غير منفصل ليتحقق العطف.

٣ - أن يكون محل الإثبات غير محل النفي ليمكن الجمع بينهما، ولا يتناقض آخر الكلام ما أوله.

٤ - ألّا تقترن بالواو، بأن يليها اسم، وهذا الاسم إما أن يكون مفردًا، وإما أن يكون جملة، بحسب ما تدخل عليه نفيًا أو إثباتًا.

ففي عطف المفرد على المفرد يجب أن يكون ما قبلها منفيًا؛ لتحصل المغايرة، نحو ما جاء خالد لكن زيد، وفي عطف الجمل يجب اختلافهما في النفي والإثبات، ليحصل اختلاف الكلامين، فإن كانت الجملة الأولى مثبتة، وجب أن تكون الثانية منفية، مثل: رأيت زيدًا، لكن عمرًا لم يأت. وإن كانت الجملة الأولى منفية، وجب أن تكون الثانية مثبتة، نحو: ما ضربت زيدًا بل كلمتُ عمرًا، ويكفي أن يكون اختلاف الكلامين نفيًا وإثباتًا من جهة المعنى، سواء كانا مختلفين لفظًا كالأمثلة السابقة، أم لا، نحو: سافر خالد لكن زيد حاضر.

وإن حرف "لكن" إذا عطف الجمل فهو نظير "بل" في الوقوع بعد النفي والإثبات، مع فروق بينهما كما سيأتي، وإنها في عطف المفردات نقيض "لا"


(١) البحر المحيط (٢/ ٣٠٥).
(٢) شرح الكوكب المنير (١/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>