للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الاجتهاد]

إن معرفة الحكم الشرعي لكل واقعة أو حادثة أو قضية أو مسألة واجب شرعي قطعًا، فإذا كان الحكم موجودًا في نصوص الكتاب أو السنة فبها ونعمت وحصل المقصود، وكفى اللَّه المؤمنين القتال، وإن لم يكن موجودًا ومعروفًا في النصوص فيجب على علماء الأمة ومجتهديها وفقهائها أن يجتهدوا لمعرفة الحكم الشرعي، وبيانه للناس، قال القرافي رحمه اللَّه تعالى: "مذهب مالك وجمهور العلماء: وجوب الاجتهاد، وإبطال التقليد" (١)، هذا في الجملة.

أما في التفصيل وبالنسبة للأفراد، فإن وقعت حادثة لشخص أو لجماعة، وسئل الفقيه العالم عنها، فإن حكم الاجتهاد تعتريه الأحكام التكليفية التالية متى توفرت بالشخص شروط الاجتهاد وملكة استنباط الأحكام الشرعية كالتالي:

[١ - فرض العين]

إذا وقعت حادثة، وتوفرت بالشخص الشروط، فيكون الاجتهاد فرضًا عينيًّا عليه في الحالات التالية:

الحالة الأولى: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد في حق نفسه، عند نزول الحادثة، فإذا وصل اجتهاده إلى حكم، لزمه العمل به؛ لأن حكم المجتهد هو حكم اللَّه تعالى في المسألة التي اجتهد بها بحسب ظنه الغالب، وينبغي عليه العمل بما غلب على ظنه أنه حكم اللَّه تعالى، ولا يجوز له أن يقلد مجتهدًا آخر.

الحالة الثانية: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد إذا كان قاضيًا وتعين عليه الحكم في المسألة؛ ليفصل فيها، وينهي النزاع والخصومة، ويصدر حكمًا بينهما.

الحالة الثالثة: يكون الاجتهاد فرض عين على المجتهد إذا سئل عن حادثة وقعت، وخاف فوتها على غير وجهها الشرعي، ولم يوجد غيره؛ لأن ترك الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي يؤدي إلى تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو


= هذا ص ٢٤٠ وما بعدها.
(١) إرشاد الفحول ص ٢٦٦، وانظر مثل هذا الكلام عند الجصاص الرازي في الفصول (٣/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>