الصلاة نهي عن ضدها، وهو كل ما يتنافى مع الصلاة، فهو نهي عن الأكل، أو الشرب، أو كلام الناس، في الصلاة.
ويشترط لكون الأمر نهيًا عن ضده أن يكون الأمر معينًا، فإن كان غير معين أي مخيرًا، كالكفارة في اليمين، فلا يكون الأمر نهيًا عن ضده؛ لجواز أن يفعل الأمر الآخر، كما يشترط أن يكون وقت الأمر مضيقًا، فإن كان موسعًا، فلا يكون الأمر بالشيء نهيًا عن ضده، كالأمر بصلاة الظهر عند الدلوك، فهو ليس نهيًا عن الأكل وغيره في هذا الوقت، فيجوز الأكل والشرب ثم الصلاة (١).
[الأمر المقيد]
إذا ورد الأمر مقيدًا بوقت، أو صفة، أو شرط، أو عدد، فإن دلالته تتحدد بهذا القيد.
فالأمر المقيد بوقت يتنوع بحسب كون الوقت معينًا كالصيام والصلاة، أو غير معين ككفارة اليمين، وصلة الأرحام، والوقت المعين إما أن يكون وقته مضيقًا كالصيام في رمضان، وإما أن يكون موسعًا كالصلوات الخمس، وسبق بيان ذلك في أنواع الواجب باعتبار ارتباطه بالوقت.
والأمر المقيد بعدد فيجب التقيد به كثر العدد أم قل، وبدون زيادة أو نقصان، مثل الصلاة ركعتين خلف المقام، وإطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، وجلد الزاني غير المحصن مائة جلدة، وجلد القاذف ثمانين جلدة، ودلالة العدد في النص على المعدود قطعية ولا مجال للاجتهاد فيها.
والأمر المقيد بالصفة كقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة ٣٨]، والأمر المقيد بالشرط، كقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦]، فإن دل الدليل الخارجي على تأثير الصفة أو الشرط فحكم الأمر المعلق عليه هو التكرار، فكلما تحقق وصف السرقة وجب
(١) أصول السرخسي (١/ ٩٤)، نهاية السول (٢/ ٦٥)، المستصفى (٢/ ١١)، أصول السرخسي (١/ ٤٥)، شرح تنقيح الفصول ص ١٢٩، ١٤٤، العضد على ابن الحاجب (٢/ ٩٢)، إرشاد الفحول ص ١٠٦، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥١)، المسودة ص ٤٩.