للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١ - القول]

يحصل البيان بالقول باتفاق العلماء، والقول إما أن يكون من اللَّه تعالى، أو من رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإما من العلماء والمجتهدين كما سيأتي في الاجتهاد والقياس.

فالقول من اللَّه تعالى، كقوله عزَّ وجلَّ: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: ٦٩]، فإنه مبيِّن لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، وذلك على القول المشهور أن المراد بالبقرة بقرةٌ معينة، فبين اللَّه تعالى أوصافها.

والقول من الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقوله عليه الصلاة والسلام: "فيما سقت السماء أو كان عَثَريا العُشْر، وما سُقي بالنَّضْح نصفُ العُشْر" (١) فهذا مبيِّن لقوله سبحانه: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، والأمثلة على ذلك كثيرة في السنّة البيانية للقرآن الكريم، فالسُّنة تبين مجمل القرآن، وهذا كثير في الصلاة والصوم والحج والبيع، وغالب الأحكام التي فصلتها السنة (٢).

ومن البيان بالقول التنبيه على المعاني والعلل التي تبين الأحكام، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في بيع الرطب بالتمر: "أينقصُ الرطبُ إذا جفَّ" (٣)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر


(١) هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة وأحمد والدارمي عن ابن عمر وجابر رضي اللَّه عنهم. والعَثَري: الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر، والنضح: إخراج الماء بالجهد والعمل.
(٢) شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٤١)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٢٨)، إرشاد الفحول ص ١٦٧، الفصول في الأصول (٢/ ٦٠).
ويجوز التدرج بالبيان، فيقال: اقتلوا المشركين، ثم يقال: إذا انسلخ الأشهر الحرم، ثم يقال: الحربيين، ثم يقال: إذا كانوا رجالًا، فهذا تخصيص بعد تخصيص، وهو واقع في القرآن والسنة، ولا مانع منه عقلًا، انظر: المستصفى (١/ ٣٨١)، الإحكام للآمدي (٣/ ٤٩)، نهاية السول (٢/ ١٦١)، شرح العضد (٢/ ١٦٧)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٥٤)، وهذا يقع كثيرًا في القوانين والأنظمة الوضعية، فيصدر تشريع عام، ثم يخصص، ثم يخصص.
(٣) هذا الحديث رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>