للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكاه العلماء المحققون، والشراح المعاصرون.

وسيتأكد ذلك من بيان حكمة النسخ والأمثلة على وقوع النسخ في القرآن والسنة.

[حكمة وقوع النسخ وأمثلته]

قبل بيان حكمة النسخ وأمثلته لا بدَّ من التنبيه إلى أن النسخ لا يقع فيما يعرف نفعه بالعقل في المعاش والمعاد كاصول الاعتقاد كالإيمان، والتوحيد، وأحكام العقيدة كمعرفة اللَّه تعالى، وطاعته، وتعظيمه، ورحمته، وأصول الفضائل كالصدق والأمانة والكرم وشيم الأخلاق، وحسن المعاملة، وإنما ينحصر النسخ في الأحكام التي يتوقف معرفتها، وبيان منفعتها على الدليل السمعي في الشرع، فيمكن طريان النسخ والتبديل عليها، مثل كيفية الطاعات الفعلية، والعبادات الحقيقية، وأحكام المعاملات باختلاف أنواعها، فيمكن طريان النسخ والتبديل عليها لحكمة ظاهرة (١) تأخذ إحدى الصور التالية:

أولًا: مراعاة مصالح الناس:

إن المقصد الرئيسي للشريعة هو تحقيق مصالح العباد، وهذه المصالح يتوقف تحقيقها على مراعاة العناصر المؤثرة فيها كاختلاف العادات، والأزمان، والبلدان، ولذلك تتغير مصلحة الناس، وهذا يقتضي تغيير الحكم الذي يحقق هذه المصلحة، وقد تشرع الأحكام لأسباب معينة، ومصالح موقوتة، ثم تزول تلك الأسباب والمصالح، فيقتضي ذلك تغيير الأحكام وتبديلها، وإلا أصبحت إما خالية من المصلحة، وإما معارضة للمصلحة ومنافية لها، وهذا ما بينته الآية الكريمة في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، [البقرة: ١٠٦]، أي: خير منها للمكلفين رحمة بهم، وقد يكون ذلك بالأثقل، لما يستلزمه من تكثير الثواب، وما يترتب عليه من فوائد.


(١) البحر المحيط (٤/ ٧٧)، الحاوي (٢٠/ ١٣٠)، إرشاد الفحول (٢/ ٥٣٨) ط محققة، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ٩٣٨)، أصول الأحكام ص ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>