للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن ينهى الشارع عنه نهيًا مقترنًا بما يدل على صرفه إلى الكراهة، مثل قوله تعالى في كراهة السؤال عن المباح خشية أن يحرم على المؤمنين: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١]، والقرينة التي صرفت النهي عن التحريم إلى الكراهة هي قوله تعالى: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} [المائدة: ١٠١].

٣ - أن يطلب الشارع اجتنابه وتركه مع القرينة التي تدل على الكراهة دون التحريم، مثل قوله تعالى في كراهة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] قال الحنفية: القرينة على صرف الطلب من التحريم إلى الكراهة أن البيع مشروع ومباح في أصله، وإنما كره لأنه يشغل عن الصلاة.

ونلاحظ أن الأساليب التي تفيد التحريم والكراهة واحدة تقريبًا وتشترك فيما بينها، فإن طلب الشارع الكف عن أمر، أو جاء النهي عامًّا، أو طلب الاجتناب مطلقًا، كان الفعل حرامًا، وإن وجدت القرينة التي تصرفه عن الحرمة كان مكروهًا، ومن القرائن اللفظية والنصية ترتيب العقوبة على الفعل أو عدم ترتيبها (١).

[حكم المكروه]

إن الفعل المكروه يشتمل على بعض المفاسد، ولذا ترجح طلب تركه على طلب فعله، ولكنه لم يصل إلى درجة الحرام، وإن فاعله لا يستحق العذاب والعقاب في الدنيا والآخرة، وقد يستحق اللوم والعتاب على فعله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن رغب عن سنتي فليس


(١) أصول الفقه، خلاف: ص ١٢٩، مباحث الحكم: ص ١٥٠، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ٨٥، أصول الفقه الإسلامي، شعبان: ص ٢٤١، أصول الفقه، البرديسي: ص ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>