للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مني" (١)، وتارك المكروه يمدح ويثاب إذا نوى به التقرب إلى اللَّه تعالى.

ويتفرع عن بحث المكروه عدة أحكام هي:

١ - اختلف العلماء في المكروه، هل هو منهيٌّ عنه أم لا؟ كما اختلفوا في المندوب هل هو مأمور به أم لا؟ والجمهور على المكروه منهي عنه حقيقة، خلافًا للحنفية، كما أن المندوب مأمور به، والأدلة واحدة، والخلاف واحد، وقد سبق الكلام عنه في المندوب (٢).

٢ - اختلف العلماء في المكروه هل يعتبر حكمًا تكليفيًّا أم لا؟ ذهب الجمهور إلى أنه ليس تكليفًا، لأن تركه ليس إلزامًا، ولا كلفة فيه، وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني: إنه تكليف، والأدلة نفسها التي سبقت في المندوب (٣).

وخلاصة القول: إن المكروه مع المحرم كالمندوب مع الواجب.

٣ - إن الحنفية يقسمون المكروه إلى قسمين، مكروه تحريمي ومكروه تنزيهي، والمكروه التحريمي هو ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا بدليل ظني مثل لبس الحرير والذهب على الرجال الثابت بحديث رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "هذان حرام على رجال أمتي حلٌّ لإناثهم" (٤)، والبيع على بيع الآخر، والخطبة على خطبة غيره، وحكمه أنه إلى الحرام أقرب، وهو قسم من الحرام عند الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف، وإن أطلق عليه لفظ المكروه، ويأخذ أحكام الحرام تقريبًا من تحريم


(١) رواه البخاري ومسلم من حديث طويل.
(٢) تيسير التحرير: ٢ ص ٢٢٥، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١١٤، مختصر ابن الحاجب: ص ٤١.
(٣) المراجع السابقة، الموافقات: ١ ص ٩٧.
(٤) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>