للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك أن عمر رضي اللَّه عنه عمل بخبر أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه في الاستئذان عندما وافقه أبو سعيد الخدري رضي اللَّه عنه وقوّى روايته (١).

وكان علي رضي اللَّه عنه يقوّي خبر أبي بكر رضي اللَّه عنه ويعمل به، ولم يحلفه، مع أنه حلَّف غيره لقبول خبره.

والأمثلة على ذلك كثيرة، وأن الصحابة كانوا في اجتهاداتهم يوجبون العمل بالراجح من الظنين دون أضعفهما.

[٣ - المعقول]

إن العقل يوجب العمل بالراجح في الحوادث والأخبار والأدلة، وإذا لم يُعمل بالراجح لزم العمل بالمرجوح، وهو ترجيح للمرجوح على الراجح، وذلك ممتنع عقلًا، وإن العمل بالراجح متعين عرفًا، وتتقبله النفوس، فيجب العمل به شرعًا؛ لأن الأصل تنزيل الأمور الشرعية منزلة التصرفات العقلية، لكونها أسرع للقبول والتسليم والانقياد، لما ورد في الأثر: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللَّه حسن" (٢)، وهذا ما تتقبله الطباع السليمة.

فإذا ظهر الترجيح لأحد الدليلين، أو لإحدى البينات، كان العمل بالراجح هو الواجب، قال الطوفي رحمه اللَّه تعالى: "لأن العمل بالأرجح متعين عقلًا وشرعًا، وقد عملت الصحابة بالترجيح مجمعين عليه، والترجيح دأب العقل والشرع، حيث احتاجا له" (٣).


(١) هذا الحديث أخرجه البخاري (٥/ ٢٣٠٥) ومسلم (١٤/ ١٣٠) بلفظ "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع".
(٢) هذا الحديث موقوف على ابن مسعود رضي اللَّه عنه، رواه أحمد (١/ ٣٧٩) وسبق بيانه.
(٣) مختصر الطوفي (ص ١٨٦) مع الاختصار والتصرف، وانظر: الإحكام، للآمدي (٤/ ٢٣٩)، المستصفى (٢/ ٣٩٤)، كشف الأسرار (٤/ ٧٦)، فواتح الرحموت (٢/ ٢٠٤)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٦١٩، ٦٢١)، إرشاد الفحول ص ٢٧٤، علم أصول الفقه ص ٢٣٠، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٨٦)، منهج التوفيق والترجيح ص ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>