الحمد للَّه الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وأرشدنا إلى شكر النعم لتدوم، ورغبنا في الاعتراف بالفضل ليرضى المتفضل المنّان، ونصحنا بالإخلاص في العمل ليكون للَّه وحده.
وبعد:
فهذه تطوافة في رياض علم أصول الفقه، انتقلنا فيها من فينة إلى فينة، ومن أيكة إلى أخرى، نستظل بأغصانها الوارفة، ونقطف من ثمارها اليانعة، ونتذوق من ثمارها الشهية، ونجني من رحيقها الطيب، وشهدها النافع.
وقد لمست السعادة في دراسته والبحث فيه والكتابة والتأليف، وسعدت بالحياة مع أعلامه وروّاده، وأنست بزيارة ضيوفه وزوّاره، وكدت أن أنسى نفسي في هيامه وبحاره.
وأدركت يقينًا أهمية هذا العلم العظيم التي ذكرتها في مقدماته، وأنه الموئل المأمون للفقيه والمجتهد، والكوكب المنير لطالب العلم ومحبي المعرفة وعشاق الحقيقة، وأنه الساحل الآمن، والبر الأمين لاطمئنان القلب، ومسيرة العقل والفكر، فترتاح النفس إليه، وتصل إلى غايتها ومبتغاها، ويأخذ بيد الفقه والمجتهد، وطالب العلم والباحث والعالم إلى شاطئ الأمان في استنباط الأحكام، ومعرفة الحلال والحرام، وحسن الفهم والتأويل والتفسير لآيات اللَّه وسنة رسول اللَّه، وسائر مصادر التشريع، فيزداد الإيمان، وتقر الأنفس لشرعة الدّيّان في فقه الإسلام.