للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: عدم وجود ما يكشف عن حكم اللَّه، وعدم وجود حكم شرعي قبل البعثة، وأن العقل لا يدرك الأحكام بنفسه بدون واسطة الرسل والكتب السماوية، فالحاكم هو اللَّه تعالى، والكاشف هو الشرع، ولم يرد شرع، وهو قول أهل السنة والجماعة.

القول الثاني: أن الحاكم حقيقة هو اللَّه تعالى، ولكن العقل يدرك أحكام اللَّه تعالى ويكشف عنها ويعرفها ويظهرها، قبل ورود الشرع، وهو قول المعتزلة، كما أن العقل يعرف أحكام اللَّه تعالى بعد البعثة فيما لم يرد فيه نص (١).

[أساس الاختلاف والنتائج المترتبة عليه]

ويرجع الاختلاف السابق إلى الاختلاف في مسألة الحسن والقبح العقليين، وما يشتمل عليه الفعل من مصلحة ومفسدة، وينتج عن هذا الاختلاف عدة نتائج، أهمها اثنتان:

١ - هل يجب على الإنسان العاقل أن يدرك حسن الأفعال وقبحها، وأن يفعل الحسن ويمتنع عن القبيح؟ وبالتالي فهو محاسب على فعل القبيح، ومثاب على فعل الحسن، وهل يجب على الإنسان أن يشكر اللَّه تعالى بموجب عقله بسبب النعم التي حباه بها من الخلق والرزق والصحة وغيرها أم لا يجب؟


= أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٤٧.
(١) يطلق كثير من علماء الأصول عبارة أن الحاكم عندنا هو اللَّه تعالى، وعند المعتزلة هو العقل، وهذا الإطلاق فيه تجاوز وتسامح وعدم دقة، لأنه لم يقل أحد من المسلمين: إن الحاكم هو العقل، وإنما قال المعتزلة: إن العقل يعرف الأحكام ويدركها قبل نزول الشرع، ولذا نبه بعض العلماء عليه، (انظر فواتح الرحموت: ١ ص ٢٥، تيسير التحرير: ٢ ص ١٥١، نهاية السول: ١ ص ١٤٦، جمع الجوامع وحاشية العطار: ١ ص ٧٩، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>