للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة، ولو لأكثر من صلاة فيه، وهو مفسّر لا يحتمل التأويل، فتعارضت الروايتان، فترجح الثانية لأنها مفسّر، فهي أقوى وأوضح من النصّ (١).

٣ - تعارض المفَسّر مع المُحْكم:

قال تعالى في قبول الشهادة: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، فهذا نص مُفَسَّر يدل على قبول شهادة العدول، ومنهم المقذوف إذا تاب؛ لأنه عَدْل بعد التوبة، ولكنه يحتمل النسخ، وقال تعالى في المحدود في القذف: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤]، وهذا يدل على عدم قبول شهادة المحدود في القذف إذا تاب، واقترن بلفظ "أبدًا" مما يدل على عدم احتمال النسخ، فهو محكم، فيترجح الحكم الثاني المحْكم على الحكم الأول، وهو المفسر، فلا تقبل شهادة المحدود في القذف، وإن تاب، عند الحنفية (٢).

٤ - تعارض النَّص مع المُحْكم:

قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، فهذا نص في إباحة ما عدا المحرمات المذكورة قبله، وذلك يشمل زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: ٥٣]، فهذا نص مُحْكم لا يحتمل التأويل والتبديل والنسخ لكلمة "أبدًا"، ويفيد تحريم الزواج بإحدى زوجاته - صلى الله عليه وسلم - من بعده أبدًا، فحصل التعارض، فيقدم المحْكم؛ لأنه أقوى وأوضح من النص (٣).


(١) هذا المثال على افتراض صحة الرواية الثانية، وأنها في قوة الأولى، ولكن العلماء أكدوا صحة الأولى، وشككوا جدًّا في الثانية، ولذلك اعتمد الحنفية في دليل الحكم على جهة النظر وليس عليها، انظر تفصيل ذلك مع أمثلة أخرى في تفسير النصوص (١/ ١٨٧) وما بعدها، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٢٥)، علم أصول الفقه ص ١٦٩.
(٢) علم أصول الفقه ص ١٦٩، تفسير النصوص (٦/ ١٩٣) وما بعدها، أصول الفقه، الزحيلي (١/ ٣٢٥).
(٣) المستصفى (١/ ٣٨٤)، البرهان (١/ ٤١٦)، حاشية البناني (٢/ ٥٣)، شرح تنقيح الفصول ص ٣٧، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٥٩)، اللمع ص ٢٧، شرح العضد (٢/ ١٦٨)، الإحكام، الآمدي (٣/ ٥٢)، روضة الناظر ص ٢٧، إرشاد الفحول =

<<  <  ج: ص:  >  >>