للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتهدَيْن، ولكنهما يختلفان في دلالته، كحديث: "البيّعان بالخيار ما لم يفترقا"، وقد يختلفان في عمومه وتخصيصه، وإطلاقه وتقييده، ونوع دلالته بالمنطوق والمفهوم، والعبارة والإشارة، وغير ذلك، وهو محل للاجتهاد، وقد يعتمدون على القواعد اللغوية ومقاصد الشريعة لترجيح المعنى المراد على الآخر.

[٣ - ما لا نص فيه ولا إجماع]

إن القضايا التي لم يرد فيها نص أصلًا، ولم يقع عليها إجماع، يجب على المجتهدين أن يبحثوا عن حكمها بالأدلة العقلية التي أقرها الشرع، كالقياس، والاستحسان، والاستصلاح، والمصالح المرسلة، والاستصحاب، والعرف، وغيره من أدلة الأحكام ومصادر التشريع المختلف فيها، وكلها تدخل في باب الاجتهاد، وتكون محلًا للاجتهاد، ومجالًا للمجتهد، وهذا باب واسع جدًّا، ومسائله لا تُحدّ، ولا تُعدّ، ولا تُحصى، وتتبع التطور، وكل القضايا المستجدة، والطوارئ في كل عصر حتى تقوم الساعة، ولذلك يعتبر باب الاجتهاد واسعًا، ومجاله رحبًا، ليستوعب كل ما يحتاجه المسلمون (١).

تجزؤ الاجتهاد:

يترتب على معرفة شروط الاجتهاد، وتوفرها في الشخص، وبيان المجتهد فيه ومجاله ونطاقه وما يسوغ فيه، يترتب مسألة أصولية مهمة، وخاصة في عصرنا الحاضر، وهي تجزؤ الاجتهاد.

ومعنى تجزؤ الاجتهاد جريانه في بعض المسائل دون بعض، بأن يحصل للمجتهد ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة في بعض المسائل دون غيرها، فيتمكن العالم من استنباط الحكم في مسألة فقهية دون غيرها، أو في باب فقهي كالعبادات، أو الشركات، أو الجهاد، أو السياسة الشرعية، أو طرق الإثبات، أو الفرائض، ممن توفرت فيه شر وط الاجتهاد، وعرف استنباط بعض الأحكام دون بعض.

واختلف العلماء في مشروعية تجزؤ الاجتهاد إلى قولين:


(١) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>