للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه عن الفتيا، وقال أبو حنيفة: لولا الفَرَقُ من اللَّه تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت، يكون لهم المهنأ وعليَّ الوزر" (١).

وقال ابن النجار رحمه اللَّه: "وكان السلف يهابونها، ويشددون ويتدافعونها، وأنكر أحمد وغيره من تهجم في الجواب" (٢).

[آداب المفتي]

ينبغي للمفتي أن يتحلى بآداب كثيرة، بعضها يرجع إلى نفسه، وبعضها يرجع إلى معاملة المستفتي، وبعضها يرجع إلى إصدار الفتوى ذاتها، وأهم الآداب هي:

أولًا: آداب المفتي في نفسه:

١ - أن يقصد المفتي بعمله وجه اللَّه تعالى، والتقرب إليه في بيان حكم اللَّه تعالى ودينه وشرعه، ولا يفتي طمعًا في منصب، أو مغنم، أو جاه، أو خوفًا من حاكم أو سلطان، ويخلص النية للَّه تعالى (٣).

٢ - أن يتصف المفتي بالتقوى؛ لأنه أمين على دين اللَّه وشرعه، ومبلغ عن اللَّه تعالى؛ لأنه من ورثة الأنبياء، فيجب أن يتخلق بأخلاقهم، وأن يتجنب أسباب الفسق وخوارم المروءة.

٣ - أن يتصف المفتي بالعلم والحلم والوقار والسكينة؛ لأنه موقع عن رب العالمين، ويتمثل فيه الشرع القويم، ويتجنب الرياء والسمعة في عمله.

٤ - أن يكون المفتي ظاهر الورع، مشهورًا بالديانة الظاهرة، وحسن


(١) المجموع للنووي (١/ ٦٧ - ٦٨)، مع تصرف بسيط.
(٢) شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٨٨)، وانظر؛ صفة الفتوى ص ٧، صحيح البخاري بحاشية السندي (٤/ ١٧٥)، سنن الدارمي (١/ ٥٢) وما بعدها، تيسير التحرير (٤/ ٢٤٢).
(٣) قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: "لا ينبغي أن يفتي حتى يكون له نية، فإن لم تكن له نية لم يكن له نور، ولا على كلامه نور، وحلم ووقار وسكينة، قويًّا على ما هو فيه، وعلى معرفته، والكفاية، وإلا مضغه الناس، ومعرفة بالناس" شرح الكوكب المنيز (٤/ ٥٥٠)، أعلام الموقعين (٤/ ٢٥٤) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>