وقدرتها على التطبيق، ومجاراتها لتطور الحياة، وكانت السلاح الوضاء أمام العلماء والدّعاة في الدّعوة لتطبيق شرع اللَّه وأحكامه ودينه في جميع الأعصار والأمصار، وإلا تعطلت الشريعة، وفقدت سر بقائها، وتعرض أهلها للغزو الفكري والتشريعي ليحل محل الفقه الإسلامي.
[٤ - الثروة الفقهية التشريعية]
إن الاجتهاد في العصور الأولى، وحتى في المراحل اللاحقة، كان الوسيلة الوحيدة حيث أعطى الأمة الإسلامية ثروة فقهية زاخرة، وتراثًا غزيرًا، تضاهي بها العالم، ويندر وجود مثيلها عند أمة أخرى، وزوَّد المسلمين بملايين المؤلفات والمصنفات والموسوعات والمجلدات والكتب الفقهية التي عوّل عليها العالم أجمع في العصور الحديثة، والنهضة المعاصرة، ويستفيد منها المسلمون، ويتخيرون ما يقوى دليله، ويصلح للعصر، ثم يجتهدون فيما وراءه.
ولا يزال الاجتهاد -بل يجب أن يكون- السلاح الذي يعوِّل عليه المسلمون اليوم في إغناء شعوبهم أولًا، وتزويد العالم ثانيًا، بالحلول الشرعية التي تنبثق من الأصول الشرعية، لتحقيق مصالح الناس بأفضل الوسائل، وأنجع المناهج، ويكفي أن نشير مثلًا إلى ما حققه الاجتهاد المعاصر في الاقتصاد الإسلامي، وبيان الأحكام الشرعية المؤصلة للمؤسسات المالية الإسلامية، كالمصارف، والتأمين، والسوق المالية، وسائر المعاملات المعاصرة، مما ينعم به المسلمون اليوم، وبربطهم بدينهم وعقيدتهم وتراثهم، ويحقق مصالحهم، ويدفع عنهم غائلة النظم المادية الأخرى.
[٥ - إعمال الفكر والعقل]
إن الاجتهاد -بحد ذاته- يغذي فكر المسلمين عامة، والعلماء خاصة، ويمنحهم الإثراء العقلي، والتفتح الذهني، وتشغيل الدماغ والعقل فيما يعود بالخير والنفع على الأمة والإنسانية، ويساهم في تطوير البحث النظري والشرعي، ويوسع مدارك المتعلمين والمتفقهين على جميع المستويات، ويعمق الحوار الجاد، والمناظرات العلمية الفاعلة والنافعة للناس، وبالتالي يتجدد الفكر بدلًا من الجمود والتعطيل، والمحاكاة والتقليد الذي يساهم