للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول الاجتهاد]

نبذة تاريخية عن الاجتهاد:

بدأ الاجتهاد الجزئي في العهد النبوي، سواء كان ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - على قول، كما سنرى، أم كان من الصحابة الذين كانوا يعْرِضون اجتهاداتهم على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فيقر الصواب الذي يتفق مع الشرع، وينكر الخطأ الذي يخالف الدِّين.

ثم مر الاجتهاد في ثلاثة أطوار رئيسة، وهي:

الطور الأول: بدأ الاجتهاد رويدًا رويدًا بعد وفاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وانتقاله للرفيق الأعلى، فتصدّى كبار الصحابة وعلماؤهم، وفقاؤهم وقضاتهم وولاتهم للاجتهاد، لبيان حكم اللَّه تعالى فيما يستجد من أحداث، مما ليس له حكم في الكتاب والسنة، وأدَّوْا وظيفتهم كاملة، وغَطَّوا أحكام ما وقع في عصرهم، وإن كان قليلًا إلى حد ما.

ولما انتشر الإسلام، وزادت الفتوحات، ودخل الناس في دين اللَّه أفواجًا، وامتدت الدولة الإسلامية إلى عواصم الأمم الأخرى، وبلاد الحضارات السائدة، توسع الصحابة ثم التابعون غب الاجتهاد، وادهرت الركة الفقهية، وبرز الفقهاء المجتهدون من التابعين إلى أن بلغوا الذروة والقمة في القرن الثاني الهجري (١).


(١) قال أبو بكر الجصاص رحمه اللَّه تعالى: "لا خلاف بين الصدر الأول والتابعين وأتباعهم في إجازة الاجتهاد والقياس على النظائر في أحكام الحوادث، وما نعلم أحدًا نفاه وحظره من أهل هذه الأعصار المتقدمة، إلى أن نشأ قوم ذوو جهل بالفقه وأصوله، لا معرفة لهم بطريقة السلف، ولا توقي للإقدام على الجهالة واتباع الأهواء البشعة التي خالفوا فيها الصحابة ومن بعدهم من أخلافهم" الفصول (٤/ ٢٣)، والمراجع المشار إليها في هامشه، وانظر كتب تاريخ التشريع الإسلامي، والمداخل للفقه الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>