للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قصد الشارع، ولا تؤثر في مقتضى العزيمة، فالأصل البقاء على العزيمة، ولا يخرج عنها إلا لسبب قوي (١).

ثانيًا: أدلة ترجيح الأخذ بالرخصة:

١ - الرخصة ثابتة قطعًا بالشرع كالعزيمة، فإن وجدت المظنة وجد الحكم، لأن الشارع اعتبر الظن في ترتيب الأحكام، وأنه يجري مجرى القطع، فإنْ ظن المشقة الكبيرة والمرض في الصوم فيرخص له الإفطار.

٢ - أن أصل الرخصة وإن كان جزئيًّا فلا يؤثر عليها، لأنها تعتبر كالأمر المستثنى من العزيمة، أو هي من باب تخصيص العام أو تقييد المطلق، والخاص يقدم على العام، والمقيد يقدم على المطلق (٢).

٣ - الأدلة على رفع الحرج عن الأمة بلغت درجة القطع، وأن الشارع يقصد السهولة واليسر للمكلف، مما يدل على أن الرخصة أرجح من التمسك بالعزيمة، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: ٦]، وقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه" (٣)، ولم يُخَيَّر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وقال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٨].

٤ - أن مقصود الشارع من الرخصة الرفق والتخفيف عن المكلف، فمن أخذ بها فيكون موافقًا لقصد الشارع، وقد نددت الآيات الكريمة


(١) الموافقات: ١ ص ٢٢٤، وانظر: أصول الفقه، الخضري: ٧٧.
(٢) الموافقات: ١ ص ٢٣٢.
(٣) رواه أحمد والبيهقي والطبراني، والبزار بإسناد حسن وابن حبان في صحيحه (الترغيب والترهيب ٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>