الرخصة، وإن كان مقطوعًا بها، لكن سبب الترخيص ظني، وهو المشقة، لأنها ليست منضبطة، وتتفاوت حسب الأشخاص والأحوال.
٢ - العزيمة راجعة إلى أصل كلي في التكليف لجميع المسلمين، وهو أصل عام مطلق على جميع المكلفين، أما الرخصة فإنها ترجع إلى حالة جزئية حسب بعض المكلفين المعذورين، أو بحسب بعض الأحوال والأوقات فالرخصة عارض طارئ على العزيمة، ومن المقرر عند تعارض الأمر الكلي مع الأمر الجزئي، ترجيح الكلي، لأنه يحقق ويقتضي مصلحة عامة.
٣ - الأمر بالمحافظة على التكاليف وتحمل المشاق فيها، وإنْ فُتِح مقابلها باب الرخصة أحيانًا، قال تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٢٣]، فوصفهم بالصدق مع حصول الزلزال الشديد والمشقة بالمؤمنين، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر: ١٠]، وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)} [آل عمران: ١٨٦]، وقال تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف: ٣٥].
٤ - الأخذ بالرخصة قد يصبح ذريعة إلى انحلال العزائم في التعبد، أما الأخذ بالعزيمة فإنه يعوِّد على الثبات في التعبد، والأخذ بالحزم في الأمور، وإن اعتاد الشخص على الرخص صارت كل عزيمة شاقة عليه وحرجة، فيحاول التهرب منها، والخروج من مقتضاها.
٥ - إن الأصل في التشريع هو التكليف، والتكليف فيه كلفة ومشقة على العبد، واقتضت حكمة اللَّه تعالى أن تكون الكلفة حسب طاقة الإنسان وقدرته، وحسب مجرى العادات، فإن ظهرت شدة المشقة والتكليف على بعض الأفراد أو في بعض الحالات فلا تخرج العزيمة