للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن اختلاف العلماء في تخصيص العام بالعرف العملي في نصوص الشارع، كأن يرد نص بتحريم الطعام، وكان من عادة الناس أكل البُرّ، فتقتصر الحرمة على البرّ؛ لأنه هو الغالب من الطعام في البلد، فذهب الحنفية وجمهور المالكية إلى التخصيص به (١)، ومنعه الجمهور، والراجح أنه لا يكون مخصصًا؛ لأن نص الشارع عام وحجة، والعادة أو العرف لا يعارض النص، إلا إذا اقترن العرف بأصل شرعي كالسُّنة التقريرية أو الإجماع السكوتي.

[٤ - الإجماع]

يجوز تخصيص العام بالإجماع، لأن الإجماع يفيد القطع، والعام يفيد الظن عند الجمهور، فإن اجتمعا، قدم الإجماع (٢).

مثاله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، وأجمع العلماء على أنه لا جمعة على المرأة، فيكون ذلك تخصيصًا للعام.

٥ - النص القرآني أو النبوي:


(١) خصص الإمام مالك العام في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، بالعرف العملي الذي كان سائدًا في قريش أن المرأة الحسيبة الشريفة القدر لا ترضع ولدها عادة، فقال: هذا العام مخصوص بالمرأة غير الشريفة القدر (الفروق ١/ ١٧٣، تهذيب الفروق ١/ ١٨٧).
(٢) يقول ابن بدران رحمه اللَّه تعالى وابن النجار الفتوحي: "والحق أن التخصيص يكون بدليل الإجماع، لا بالإجماع نفسه" (المدخل إلى مذهب أحمد ص ١١٤، شرح الكوكب المنير ٣/ ٣٦٩) وأرى أن التخصيص يكون بالدليل والاجماع معًا؛ لأن الدليل قد يكون ظنيًّا ومحتملًا، وقد لا يصل إلينا، فعند الإجماع تحدد المراد والاستدلال منه، وانظر: نهاية السول (٢/ ١٤٤)، المستصفى (٢/ ١٠٢)، شرح تنقيح الفصول ص ٢٠٢، المعتمد (١/ ٢٧٦)، المحصول (٣/ ١٢٤)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ١٥٠)، فواتح الرحموت (١/ ٣١٦) وما بعدها، العدة (٢/ ٥٧٨)، مختصر البعلي ص ١٢٣، المسودة ص ١٢٦، إرشاد الفحول ص ١٦٠، الفصول في الأصول (١/ ١٤٢)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>