تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣]، فالرهن مما يتأخر عن المداينة، وتأويله أن حكم المداينة الرهينةُ، فكان التعقيب مجازًا، ومثله قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا} [الأعراف: ٤]، فإن مجيء البأس مقدم على الإهلاك، وتأويله أنه للترتيب الذكري، أو فيه حذف تقديره: أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا، ومثله قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨].
٢ - بمعنى الواو: كقول الشاعر امرئ القيس:
قِفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومَنْزِلِ ... بسِقْط اللِّوى بَيْنَ الدَّخولِ فحَوْمَلِ
٣ - السبببة: تأبي الفاء سببية، أي: ما قبلها سبب لما بعدها، وهو كثير في عطف الجمل، كقوله تعالى {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥]، وقوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٣٧]، وكذا في عطف الصفات، كقوله تعالى: {لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} [الواقعة: ٥٢ - ٥٤].
٤ - رابطة للجواب: تأتي الفاء رابطة للجواب في ست حالات:
الأولى: أن يكون الجواب جملة اسمية، كقوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} [الأنعام: ١٧]، وقوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٨].
الثانية: أن يكون الجواب جملة فعلية، وهي التي فعلها جامد، كقوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (٣٩) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا} [الكهف: ٣٩ - ٤٠]، وقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: ٢٧١]، وقوله: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: ٣٨]، وقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: ٢٨].
الثالثة: أن يكون فعلها إنشاء، كقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١]، وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)} [الملك: ٣٠]، وهنا جملة اسمية وإنشاء، وقوله: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute