للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزاد الإمام مالك بنقض الاجتهاد إذا خالف القواعد الشرعية، وزاد بعض المتأخرين بنقض الاجتهاد وإلغائه إذا خالف المذاهب الأربعة؛ لأن ذلك بمثابة الإجماع، أو المعلوم من الدين بالضرورة، وقال ابن حجر: أو كان اجتهادًا لا دليل عليه قطعًا (١).

وإن كان الاجتهاد معتمدًا على نص قطعي أو إجماع أو قياس جلي فإنه لا ينقض بالاتفاق؛ لأنه يعتمد على دليل لا يجوز خلافه ولا الاجتهاد ضده.

[الشق الثاني: عدم نقض الاجتهاد]

إذا كان الاجتهاد مبنيًّا على الرأي، خارج الحالات السابقة في الشق الأول، فإنه لا ينقض باجتهاد آخر، وهذا ما نصت عليه القاعدة الفقهية الأصولية "الاجتهاد لا ينقض بمثله" وبعبارة أخرى "الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد".

ومجال هذا الاجتهاد في المسائل الظنية التي لم يرد فيها دليل قاطع، ولا إجماع، أو في المسائل المستجدة، فإن الاجتهاد فيها لا ينقض باجتهاد مثله بالاتفاق؛ لأنه لو نقض الأول بالثاني لجاز أن ينقض الثاني بثالث؛ لأنه ما من اجتهاد إلا ويجوز أن يتغير، وذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار؛ ولأن الاجتهاد الأول ظني، ويعتمد على دليل ظني، والثاني ظني ويعتمد على دليل ظني، فلا ترجيح لأحدهما على الآخر، ونقض هذا الاجتهاد يؤدي إلى نقض النقض، ويتسلسل الأمر فتضطرب الأحكام ولا يوثق بها (٢).


(١) المستصفى (٢/ ٣٨٢)، جمع الجوامع والبناني عليه (٢/ ٣٩١)، الإحكام للآمدي (٤/ ٢٠٣)، شرح تنقيح الفصول ص ٤٣٢، ٤٤٢، أدب القضاء لابن أبي الدم ص ١٦٤، الأشباه والنظائر للسيوطي ص ١١٣، درر الحكام (١/ ٣٤)، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١١٥، المنثور للزركشي (١/ ٩٣)، الفروع (٦/ ٤٥٦)، المغني (١٠/ ٥٠)، روضة الطالبين للنووي (١١/ ١٥٠)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٠٦)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٠، القواعد الفقهية على المذهب الحنفي والشافعي ص ٣٥١ - ٣٥٧، ٤٤٣، الفروق للقرافي (٢/ ١٠٣).
(٢) فروع: يحرم على المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى حكم أن يقلد غيره بالاتفاق؛ لأنه يعتقد أن اجتهاده خطأ، ولا يجوز له الأخذ بالخطأ أو الباطل، وكذلك قبل أن يجتهد عند الجماهير؟ لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>