للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن المندوب ينقلب إلى واجب، ويصبح لازمًا بالشروع، وأن المكلف إذا شرع بالمندوب وجب عليه إكماله، لكن يجوز تركه استثناء بلا إثم للنص عليه، وإن تركه وجب عليه قضاؤه، وهو مذهب الحنفية (١).

وفصل الإمام مالك وأبو ثور فقال: يلزم الإتمام، فإن خرج بلا عذر لزمه القضاء، وإن خرج بعذر فلا قضاء، وهو ما نقله النووي في المجموع (٢).

[الأدلة]

استدل الحنفية على رأيهم بالأدلة التالية:

١ - قال اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)} [محمد: ٣٣]، فالمندوب بعد الشروع به صار عملًا يستحق صاحبه الثواب، فإن تركه فقد أبطل عمله وثوابه، والقرآن الكريم ينهى عن إبطال العمل، فكان إتمامه واجبًا (٣).

٢ - قياس الشروع في المندوب على النذر بطريق الأولى، وذلك أن النذر التزام قولي، والناذر قبل النذر مخير بين الالتزام وعدمه، وبعد الكلام أصبح النذر واجبًا، وكذا المندوب، فالمكلف قبل الشروع مخير بين الفعل وعدمه، وبعد الشروع ينقلب إلى واجب بالأولى، لأن الفعل


= باتفاق للتشابه مع الفرض في النية والكفارة، (انظر: حاشية البناني على جمع الجوامع: ١ ص ٩٠، ٩٣، كشف الأسرار: ٢ ص ٦٣٤، أصول السرخسي: ١ ص ١١٦، المستصفى: ١ ص ٢٢٩، المجموع: ٧ ص ٣٨٢، ٨ ص ٢٥٨).
(١) تقريرات الشربيني على جمع الجوامع: ١ ص ٩٠، كشف الأسرار: ٢ ص ٦٣٣، التلويح على التوضيح: ٣ ص ٧٩، أصول السرخسي: ١ ص ١١٥.
(٢) المجموع: ٦ ص ٤٥٥.
(٣) أصول السرخسي: ١ ص ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>