للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل المندوب مأمور به]

بما أن الندب يستفاد من صيغة الأمر المصحوب بقرينة صارفة عن الإيجاب إلى الندب، فيتفرع عن ذلك مسألة هامة، وهي هل المندوب مأمور به أم لا؟

اتفق العلماء على كون المندوب مأمورًا به، ثم اختلفوا في طبيعة هذا الأمر على قولين:

القول الأول: أن المندوب مأمور به حقيقة، وهو رأي الجمهور من الشافعية والحنابلة وقول عند المالكية والمحققين من الحنفية (١)، واستدلوا على ذلك بما يلي:

١ - إن فعل المندوب يسمى طاعة، والطاعة تكون من امتثال أمر اللَّه تعالى لعباده، فكان المندوب مأمورًا به.

واعترض ابن عبد الشكور على الدليل فقال: الطاعة تكون في الأمر وتكون في الندب، فلا يكون الندب مأمورًا به (٢).

٢ - إن الأمر ينقسم لغة إلى قسمين أمر إيجاب وأمر ندب، وكما أن الواجب مأمور به، فكذلك يكون المندوب مأمورًا به.

واعترض على الاستدلال بأن الأمر ينقسم عند أهل اللغة إلى أمر تهديد وأمر إباحة أيضًا، والتهديد والإباحة ليس مأمورًا بهما باتفاق، فيكون الندب كذلك ليس مأمورًا به حقيقة (٣).


(١) المستصفى: ١ ص ٧٥، فواتح الرحموت: ١ ص ١١١، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١١٢ تيسير التحرير: ٢ ص ٢٢٢ وما بعدها، المسودة في أصول الفقه: ص ١١ وما بعدها ١٥، أصول السرخسي: ١ ص ١٤، البرهان، للجويني: ١ ص ٢٤٩.
(٢) البرهان: ١ ص ٢٤٩، فواتح الرحموت: ١ ص ١١٢.
(٣) فواتح الرحموت: ١ ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>