للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا لم يُبْنَ التأويل على دليل شرعي صحيح، بل بُني على الأهواء والأغراض والانتصار لبعض الآراء كان تأويلًا باطلًا، وكان عبثًا بنصوص الشرع أو القانون، وكذلك إذا عارض التأويلُ نصًّا صريحًا، أو كان تأويلًا إلى ما لا يحتمله اللفظ.، فهو تأويل باطل مردود، أو تأويل فاسد.

ولذلك فإن النصوص الشرعية أو القانونية بعضها يقبل التأويل، وهو النص والظاهر، وبعضها لا يقبل التأويل، وهو النص الصريح الذي لا يحتمل غيره، فإن أوّله شخص فتأويله باطل (١).

[مجال التأويل]

إن التأويل خلاف للأصل، فالأصل عند جمهور الأمة أن أخذ الأحكام من النصوص يتم بدون التأويل، وأنه يجب العمل بالظاهر والنّص -كما سبق- ولا يجوز العدول عنهما إلا بدليل يقتضي ذلك، فالأصل أن يبقى العام على عمومه حتى يرد ما يخصصه، وأن يعمل بالمطلق على إطلاقه حتى يقوم الدليل على تقييده، وأن الأمر يدل على الوجوب حتى يقوم الدليل على صرفه إلى غيره، وأن النهي يفيد التحريم حتى يرد الدليل على صرفه إلى غيره (٢).

ولذلك فإن المجال الذي يمكن أن يدخله التأويل قسمان، وهما:

١ - أغلب نصوص الأحكام التكليفية، وهذه لا خلاف في جواز تأويلها؛ لأن عوامل الاحتمال فيها متوفرة، ولا ضرر فيها إذا قام بالتأويل المجتهد الذي تتوفر فيه الشروط، فيستعين في تأويلها باللغة ومفهومات الشريعة، وقواعد الاستنباط والاستدلال، ليتمكن من معرفة الأحكام الشرعية منها. وكثير من أنواع التأويل يجري في ميدان الاستنباط، كحمل الحقيقة على المجاز، وحمل المشترك على أحد معنييه أو أحد معانيه، وحمل المطلق على المقيد، وحمل العام على الخاص، وحمل الأمر على غير الوجوب، وحمل النهي على غير التحريم، وغير ذلك.


(١) علم أصول الفقه ص ١٦٤، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٤)، إرشاد الفحول ص ١٧٧، شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٦١).
(٢) تفسير النصوص (١/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>