للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نسبت "في" إلى الفعل فتكون بمعنى "مع" للمقارنة، كقوله: أنت طالق في دخولك الدار، "أي: مع دخولك؛ لأن الفعل لا يصلح ظرفًا للطلاق على معنى أن: يكون شاغلًا له (١)؛ لأن الفعل عرض لا يبقى، فتعذر العمل بحقيقة "في" فيُجعل مستعارًا لمعنى المقارنة؛ لأن الظرف في معنى المقارنة (٢).

وفرع الحنفية على معنى "في" بعض المسائل، وفرقوا بين قول القائل: صمت هذه السنة، وقوله: صمت في هذه السنة، وبين قول القائل: أنت طالق غدًا، وقوله: أنت طالق في الغد، وكذا إذا أضيفت "في" إلى المكان مثل: أنت طالق في الدار أو في الظل أو الشمس، فتطلق المرأة في الحال حيث كانت، لأن المكان لا يصلح ظرفًا للطلاق، إذ الظرف بمنزلة الوصف له، فلا فرق فيه بين الأمكنة، بخلاف إضافة الطلاق إلى الزمان فيصح ظرفًا له (٣).

رابعًا: مِنْ:

" مِنْ" حرف جر لابتداء الغاية حقيقة، والغاية هي النهاية، سواء في المكان اتفاقًا، وعلامتها أن تقارنها "إلى" نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}، [الإسراء: ١]، أم في الزمان عند كثيرين، نحو قوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}، [التوبة: ١٠٨]، وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ}، [الإسراء: ٧٩]، وقوله تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}، [الروم: ٤].


(١) يقول النحويون: إن أكثر حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض، وهو موجود في كتبهم، الفصول في الأصول (١/ ٩٥).
(٢) مغني اللبيب (١/ ١٨٢)، رصف المباني ص ٣٨٨، البرهان في علوم القرآن (٤/ ٣٠٤)، الإتقان (٢/ ٢١١)، الإحكام للآمدي (١/ ٦٢)، البحر المحيط (٢/ ٢٩٦)، كشف الأسرار (٢/ ١٨٢)، فواتح الرحموت (١/ ١٤٧)، المحلي والبناني على جمع الجوامع (١/ ٣٤٨)، شرح الكوكب المنير (١/ ٢٥١)، شرح تنقيح الفصول ص ١٠٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٤٠٥).
(٣) أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>