وأخذ الصاحبان من الحنفية وسائر العلماء بقول البصريين، ولذلك وقع الاختلاف في حكم القائل: إذا لم أطلقك فأنت طالق، فقال أبو حنيفة: لا يقع الطلاق حتى يموت أحدهما، لأن "إذا" للشرط، مثل قوله: إن لم أطلقك، وقال الصاحبان والشافعية: يقع الطلاق بمجرد الفراغ ومضي زمن يطلق فيه ولم يطلق، كما في قوله:"متى لم أطلقك"، وإن "إذا" هنا للوقت وتنفك عن الشرط (١).
ثالثًا: متى:
" متى" اسم للوقت المبهم، أي: إنها للظرق خاصة، فإذا استعملت في الشرط فلا يسقط معنى الظرفية، بعكس "إذا"، فإن "متى" لازمة للظرفية لا تتجرد عنها.
ولا خلاف في أن "متى" شرط يجزم به الفعل المضارع، مثل: متى تخرجْ أخرجْ، ومتى تَذْهبْ أذهبْ، ومنه قول الشاعر:
والأصل أن "متى" في اللغة تفيد التكرار، واصطلح أكثر الفقهاء على أنها للمرة الواحدة، نحو: إذا فعلت، ولذلك قال عامة الفقهاء: إذا قال لامرأته: إن فعلت كذا فأنت، طالق، أنه على المرة الواحدة، وكذا: إذا فعلت، بخلاف:"كلما" فإنها للتكرار، أما لو قال: متى خرجت، أو متى ما خرجت، أو مهما خرجت، فإنها لا تفيد التكرار.
وإذا قال الرجل لزوجته: متى لم أطلقك فأنت طالق، فإنه يقع الطلاق بمضي مدة بعد السكوت؛ لأنه حينئذ يتحقق معنى ظرفية "متى"، وهو وجود وقت لم يصدر فيه الطلاق.
وإذا قال: طلّقي نفسكِ متى شئتِ، فإنها مخيّرة في إيقاع الطلاق حسب
(١) مغني اللبيب (١/ ٩٢)، رصف المباني ص ٦١، الإتقان في علوم القرآن (٢/ ١٤٧)، فواتح الرحموت (١/ ٢٤٨)، البحر المحيط (٢/ ٢٧٨، ٣٠٦)، شرح الكوكب المنير (١/ ٢٧٢)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٤١٠)، المهذب (٤/ ٣٣٤) ط محققة.