للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني الترجيح بين الأدلة]

[تعريف الترجيح]

الترجيح لغة: الثقل والميل والتفضيل والتقوية، يقال: رجح الشيء رجحانًا ورجوحًا ورجاحة: ثقل، ورجحت إحدى الكفتين الأخرى: مالت بالموزون، ورجحه أرجحه: فضّله وقواه، واستعمال الرجحان حقيقة إنما هو في الأعيان الجوهرية، ثم استعمل في المعاني مجازًا (١).

والترجيح في الاصطلاح: اختلف العلماء في تعريفه نتيجة لاختلافهم في تكييفه، هل هو فعل المجتهد؟ أم أنه وصف قائم بالدليل الراجح؟ أم كلاهما؟

فعرفه الزركشي رحمه اللَّه تعالى بأنه: "تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى بما ليس ظاهرًا" (٢)، وهذا الحد باعتبار الترجيح من عمل المرجح المجتهد، ومع ذلك أغفل ذكر المجتهد، وأن ترجيح غير المجتهد لا يعتد به عند الأصوليين، والترجيح هو بيان التقوية، أي: بيان القوة الكامنة في الدليل، واقتصر على الأمارة ليحصر الترجيح في الأدلة الظنية دون القطعية، مع أننا رجحنا أن التعارض يقع في الأدلة القطعية والظنية، ويحتاج للترجيح، وقيد الترجيح حالة "ما ليس ظاهرًا" في الأمارة، فإن كانت القوة ظاهرة فلا يحتاج للترجيح، ويخرج من التعريف الأخبار والظواهر لاختصاص اسم الأمارة بالمعاني، لكنها تدخل بالتعريف من حيث الغاية،


(١) المعجم الوسيط (١/ ٣٢٩)، الصحاح (١/ ٣٦٤).
(٢) البحر المحيط (٦/ ١٣٠)، وتبع في ذلك الرازي في المحصول (٥/ ٥٢٩)، ثم نقل الزركشي تعريف الكيا الهراسي بأن الترجيح هو "إظهار زيادة لأحد المثلين على الآخر وضعًا لا أصلًا" البحر المحيط (٦/ ١٣٠)؛ لأنه إذا أفردت الزيادة على الوزن لم يقع بها شيء، كما أن البيضاوي حاول تجنب الاعتراضات على التعريفات السابقة فقال: الترجيح: تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها" نهاية السول (٣/ ١٨٩)، وقال ابن النجار مثل ذلك: "تقوية إحدى الإمارتين على الأخرى لدليل" شرح الكوكب المنير (٤/ ٦١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>