للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - الكتاب]

قال اللَّه تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)} [البقرة: ١٠٦].

فالآية صريحة بأن اللَّه تعالى ينسخ بعض الآيات، ويأتي بخير منها أو مثلها، وأن اللَّه يعلم ذلك ابتداء، وأنه يقدر على النسخ، وسيأتي مزيد من المثلة في نسخ القرآن بالقرآن في عدة آيات: في نسخ القبلة، والوصية للوالدين والأقربين، والعدد الذي يجب الثبوت أمامه في القتال، وعدة المتوفى عنها زوجها، وتقديم الصدقة قبل المناجاة، ومنع القتال في الشهر الحرام، وغيرها (١).

[٢ - السنة]

روى بريدة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "كنتُ نهيتُكُم عن زيارةِ القبورِ فَزُورُها"، وفي رواية الترمذي زيادة: "فإنَّها تذكِّركم الآخرة" (٢)،

فالحديث صريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور سابقًا، ثم أمر به، ورغب فيه، ونسخ حكم النهي السابق، وسترد أحاديث أخرى من السنة، كالنهي عن ادّخار لحوم الأضاحي، ثم السماح به، ونسخ وجوب صوم عاشوراء بصوم رمضان، وغيره.

[٣ - الإجماع]

أجمع الصحابة والسلف على أن شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لجميع الشرائع السابقة، في غير أصول العقيدة والأخلاق، كتحريم الشحوم، وكل ذلك ظفر على اليهود بسبب ظلمهم وأكلهم أموال الناس بالباطل بالربا وغيره، ودل على ذلك قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}،


(١) ذهب جمهور العلماء إلى أن النسخ في القرآن الكريم وقع في بضع عشرة آية فقط، واختار السيوطي رحمه اللَّه تعالى في "الإتقان في علوم القرآن" أنها عشرون آية، وعدَّدها.
(٢) هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن حبان والبغوي والحاكم، ورواه ابن ماجه عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>