للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - تعارض الظاهر مع المُحْكم:

قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: ٥٣]، فهذا لفظ محكم يفيد تحريم الزواج من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعده، وقال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، فهو ظاهر في إباحة جميع النساء، فتعارض الحكمان، فيقدم المحكم؛ لأنه أقوى وأوضح من الظاهر (١).

ثانيًا: طريقة الجمهور في تقسيم الواضح:

قسم الجمهور اللفظ الواضح بحسب درجة الوضوح للدلالة على المعنى إلى قسمين فقط، وهما: الظاهر، والنَّص، ويشملهما المبيَّن وهو اللفظ الدال على المعنى وليس مُجْملًا.

وأساس التفريق عند الجمهور بين الظاهر والنص هو قبول الاحتمال أو عدمه، فالظاهر ما يقبل الاحتمال، وتكون دلالته ظنية، والنص ما لا يقبل الاحتمال، وتكون دلالته على معناه بدرجة القطع، فالظاهر عند الجمهور يقابل الظاهر والنص عند الحنفية، والنصُّ عند الجمهور يقابل المفسر عند الحنفية، كما يقابل المحكم عندهم؛ لانتهاء فترة النسخ بوفاة رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وانقطاع الوحي (٢).

[١ - الظاهر]

الظاهر عند الجمهور المتكلمين هو: اللفظ الذي يدل على معناه المتبادر للذهن من الصيغة نفسها، ولكنه يحتمل التأويل، ويدل على معناه دلالة ظنية راجحة، سواء كانت هذه الدلالة ناشئة من الوضع اللغوي؛ كدلالة العام على جميع أفراده، أو من العرف؛ كدلالة الصلاة في الشرع على الأقوال والأفعال المخصوصة، وهذا يشمل كلًّا من الظاهر والنص عند الحنفية، أي: سواء


= ص ١٧٥، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٢٦)، تفسير النصوص (١/ ١٩٨، ٢٠٣، ٢١٣).
(١) أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٢٦).
(٢) أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>