للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكمال، وهذا أمر متفق عليه مع الأشاعرة، ولكن الخلاف في إطلاق الحسن بمعنى ترتب المدح والثواب عليه.

٢ - أن حكم اللَّه تعالى على الأفعال يكون بحسب ما تدركه العقول من النفع أو الضرر، فيطلب اللَّه تعالى من المكلفين فعل ما فيه النفع بحسب ما يدركه العقل، ويطلب ترك ما فيه ضررهم حسب ما يدركه العقل، ولا يمكن أن يأمر بأمر قبيح ذاتيًّا، ولا ينهى عن شيء حسن ذاتيًّا، لاعتقاد المعتزلة وجوب مراعاة المصالح والمفاسد، وأن الشرائع مؤكدة لحكم العقل فيما يعلمه.

ومبدأ المعتزلة أن ما رآه العقل حسنًا فهو حسن، ومطلوب شرعًا فعله، ويثاب من اللَّه فاعله، وما رآه العقل قبيحًا فهو قبيح، ومطلوب شرعًا تركه، ويعاقب من اللَّه فاعله، فالشرع تابع للعقل، ويقولون: إن الشرع مؤكد وكاشف لحكم العقل فيما أدركه من حسن الأشياء وقبحها.

واستدلوا على ذلك بأن اللَّه تعالى ما شرع حكمًا إلا بناء على ما فيه من نفع أو دفع ضرر، وأن الأحكام الشرعية جاءت لتحقيق مصالح الناس، فكل ما طلب الشارع فعله فقد طلبه لما فيه من نفع ولما يحقق من مصلحة، وكل ما نهى الشارع عنه فقد حرمه، لما فيه من ضرر ولما يترتب على فعله من مفسدة (١).

وعلى الرغم من فساد مذهب المعتزلة في بناء الأحكام على الحسن والقبح العقليين، أو بحسب المصالح والمفاسد أو المنافع والمضار، فقد يقال: إن أساس هذا المذهب هو المسوغ لتشريع الأحكام الوضعية


(١) تسهيل الوصول: ص ٢٧١، فواتح الرحموت: ١ ص ٢٦، ٢٧، المستصفى: ١ ص ٦١، إرشاد الفحول: ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>