فالقرآن الكريم كتاب كبير، شامل لموضوعات مختلفة في العقيدة والعبادة والأخلاق والتشريع، وتحدث عن الخالق والإنسان والكون والمجتمع، ومع ذلك تجد الاتساق الكامل في اختيار الألفاظ، وتناسق العبارات، وعظمة المعاني وشمول الأحكام، وإتقان النظريات العلمية فيه، دون أن يكون فيه وهن أو ركاكة أو ضعف أو تناقض أو تعارض أو اختلاف، وذلك تحقيقًا لقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢].
فالأسلوب بليغ في جميع السور والآيات، والألفاظ فصيحة من أوله إلى آخره، والعبارات راقية في كل جانب من جوانبه، مع كثرة آياته التي تزيد عن ستة آلاف وستمائة آية، ومع امتداد الفترة الزمنية التي نزل فيه خلال ثلاث وعشرين سنة، وما ذلك إلا لأنه كلام الله تعالى المنزل على محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -.
ويلاحظ المتأمل اختلاف أسلوب القرآن الكريم حسب الموضوع الذي يتناوله، فإن كان الموضوع تشريعًا كانت الآيات طويلة، والعبارات واضحة، والأسلوب هادئًا، وإذا كان يتعلق بتثبيت العقيدة، وهدم العقائد الباطلة، ومجادلة الكفار في تفكيرهم، وتذكير الناس بيوم الحساب والعقاب، أو الجنة والنعيم، كان الأسلوب خطابيًّا محركًا للوجدان والمشاعر، مع نبرة خاصة، وعبارات مختصرة، وآيات قصيرة، وذلك أن لكل مقام مقالًا.
٢ - انطباق آيات القرآن الكريم على ما يكشفه العلم الصحيح:
القرآن الكريم أنزله الله تعالى كتاب هداية في الإيمان والعقيدة،