ودستور حياة للناس، وليس من مقاصده أن يتعرض لطبيعة الكون، ويبين النظريات العلمية في تكوين السموات والأرض والإنسان ونظام الوجود، ولكنه أشار عند الاستدلال على وجود الله وعظمة الخالق ووحدانيته إلى بعض المخلوقات في عظمتها ونظامها وكثرة نفعها ووظائفها, ولفت النظر إلى نظريات علمية بعضها في متناول العقل في حياة العرب في الجزيرة كالإبل والشمس والقمر والجبال والإنسان، وبعضها الآخر يكشفها العلم الحديث في كل عصر وزمان، ولا يزال العلم -وسيبقى- يحقق إشارات القرآن الكريم في الكون والإنسان، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)} [فصلت: ٥٣] وأن العلم الذي يكشف عن حقيقة الكون والنظام يقف مكتوفًا عن إيجاد هذه المخلوقات أو إقامة النظام بينها، وهذا دليل وبرهان على أن هذا الكتاب من عند الله، وأن البشر عاجزون عن الإتيان بمثله، والآيات الكريمة كثيرة في هذا المجال، ويحاول كثير من العلماء في كل زمان جمع هذه الآيات التي كشف عن سرها العلم الحديث، مثل قوله تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤)} [القيامة: ٤] , التي تشير إلى علم البصمات، وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢)} [الحجر: ٢٢] التي تشير إلى علم التكاثر، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (٣٠)} [الأنبياء: ٣٠] وهذا يشير إلى علم الأحياء، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥)} [المؤمنون: ١٢ - ١٥] وهذه الآيات تشير إلى تكوين الجنين وأطوار خلقه، وقوله تعالى: {وَفِي