عبد الله أخبر الناس أنه رسول الله بعثه الله تعالى إلى الناس بشيرًا ونذيرًا بين يدي عذاب أليم، والدليل الذي يؤكد صدق دعوته هذا القرآن الكريم الذي هو من كلام الله تعالى أوحاه إلى محمَّد معجزة له، وتحدى البشر على أن يأتوا بمثله، واستمر هذا التحدي عدة سنوات، ومر بثلاث مراحل، وهي:
المرحلة الأولى: التحدي بأن يأتوا بكتاب مثل القرآن الكريم في جميع نواحيه، فقال تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)} [القصص: ٤٩، ٥٠] , وزاد القرآن الكريم في التحدي بل في السخرية منهم وتأكيد العجز ولو تساعد الإنس والجن على ذلك فقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} [الإسراء: ٨٨].
المرحلة الثانية: عندما عجز المشركون عن الإتيان بمثل القرآن الكريم كاملًا، تحداهم وبيَّن عجزهم عن الإتيان بعشر سور مثله، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤)} [هود: ١٣، ١٤].
المرحلة الثالثة: ولما عجز الكفار عن الإتيان بعشر سور تحداهم بسورة منه، وطلب المعارضة بذلك، فقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)} [البقرة: ٢٣، ٢٤] ومع كل ذلك فقد وقفوا حيارى مبهوتين عن الإتيان بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة من مثله (١).