للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرينة حالية: والمراد منها ما كانت عليه العرب عند ورود النص من شأن معين.

وقد يختلف العلماء في القرينة، وقد يرافق النصَّ عدةُ قرائن، ويرجح بعضهم معنى لقرينة، ويرجح آخرون معنى آخر لقرينة ثانية.

فإن كان اللفظ له معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي شرعي، ترجح المعنى الشرعي، وكان هو المراد، كألفاظ الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والطلاق، والقذف، والزنا، والخلافة، والشهادة، ولا يراد المعنى اللغوي إلا إذا وجدت قرينة تدل على أنه المقصود.

فالصلاة لغة: الدعاء، وشرعًا: العبادة المعروفة التي تبدأ بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالسلام، والمعنى الثاني هو المراد في الأمر بالصلاة، وأن الصلاة أحد أركان الإسلام، ويقال مثل ذلك عن الصيام، والزكاة، والحج، وغيره.

ولفظ القرء له معنيان في اللغة: الطهر والحيض، ورجح المالكية والشافعية معنى الطهر، وأنه المراد في العدة، بقرينة لفظية وهي "ثلاثة" وهي عدد مؤنث ينبغي أن يكون بعكس المعدود، فدل على أن المعدود مذكر وهو الطهر، بينما رجَّح الحنفية والحنابلة معنى الحيض، وأنه المقصود في العدة بقرينة أخرى، وهي أن لفظ ثلاثة خاص، والخاص يدل على مدلوله دلالة قطعية بأن تكون العدة ثلاثة قروء قطعًا بدون زيادة ولا نقصان، وهذا يتحقق في حالة الحيض، ولا يتحدد في حالة الطهر، لأن العدة في الطهر قد تنقص عن الثلاثة وقد تزيد.

ومثال القرينة الحالية للترجيح قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢]، فالمحيض لفظ مشترك لغة ويطلق على الزمان والمكان، ورجح العلماء أن المراد به المكان للقرينة الحالية، وهي أن العرب ما كانوا يعتزلون النساء في زمن الحيض.

ومن القرائن اللفظية قولنا: قتل القاضي عينًا للعدو، فيفهم أن المراد من لفظ العين الجاسوس الخائن.

ومثال على الاستثناء بأن القرينة اللفظية ترجح إرادة المعنى اللغوي، قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>