والجواب عن ذلك أن القرآن الكريم عالج الأمور وبين الأحكام بشكل إجمالي ونص على القواعد العامة، والمبادئ الهامة، ونبه على مقاصد الشريعة وأهدافها، وأحال العاقل إلى التدبر والتأمل عن طريق القياس والاستحسان والاستصلاح، وأرشد إلى السنة بأسلوبه الرائع المعجز؛ لأن القرآن لا يتسع للنص على كل شاردة أو واردة، وإن هذا الأسلوب يعطي التشريع صفة المرونة والشمول، ويتيح المجال لتطبيق الشريعة في كل زمان ومكان، وأنها صالحة للبشرية عامة.
فمثلًا سئل ابن عباس رضي الله عنه عن ميراث الجدة في كتاب الله تعالى، فقال للسائل: في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧] وسئل عالم عن مرض ودواء في كتاب الله فقال: إنه في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[الأنبياء: ٧].
ونرى أن الكمال في القرآن الكريم يتحقق بالأمور الثلاثة التالية:
١ - النصوص التفصيلية التي جاءت في القرآن الكريم كالمواريث واللعان والعقيدة.
٢ - النصوص المجملة التي وردت في القرآن الكريم وتضمنت القواعد العامة والمبادئ الكلية والضوابط الشرعية، وتركت تفصيل ذلك إلى علماء الأمة يضعون التفاصيل التي تحقق أغراض الشريعة وأهدافها العامة، وتتفق مع مصالح الناس وتطور الأزمان واختلاف البيئات.
٣ - الإحالة بنص القرآن الكريم إلى المصادر الأخرى التي تعتبر جزءًا من الشريعة، مثل السنة والإجماع والقياس وغير ذلك من المصادر التي أمر بها، أو أشار إليها، القرآن الكريم.
وبذلك يكون القرآن الكريم قد تناول جميع الأحكام ونظم الحقوق