للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقل بأنه حجة على المسلمين، لأن قول الصحابي في مثل هذه الأحوال يستند إلى دليل شرعي، ولا يمكن أن يقوله تشهيًا وعبثًا، مثل قول السيدة عائشة رضي اللَّه عنها في فساد بيع النقود قبل نقد الثمن، وأنه يحبط العمل الصالح والجهاد، فهذا لا يدرك بالعقل، ومثل قول عمر وعلي وابن مسعود رضي اللَّه عنهم بتقدير أقل مدة الحيض بثلاثة أيام، وهو ما أخذ به الحنفية.

وكذلك اتفق العلماء على قبول قول الصحابي الذي أبداه ولم يخالفه فيه أحد من الصحابة ويكون حجة على المسلمين، لأن اتفاقهم دليل على وقوفهم على مستند شرعي صحيح.

واتفقوا على أن قول الصحابي في الاجتهاد ليس حجة على غيره من الصحابة المجتهدين (١).

ولكن اختلف الأئمة عند تعدد أقوال الصحابة واختلاف اجتهاداتهم، هل هي حجة على التابعين ومن بعدهم أم لا؟ فيه قولان:

القول الأول: وهو قول الإمام أبي حنيفة والإمام مالك، فقالا بوجوب الالتزام بأحد أقوال الصحابة بدون تعيين، واختيار المناسب منها مع عدم الخروج عن مجموع آرائهم، وأن قول الصحابي يقدم على القياس (٢)، واستدلوا على ذلك بأن اختلاف الصحابة في المسألة على


(١) تيسير التحرير: ٣ ص ١٣٣، كشف الأسرار: ٣ ص ٩٣٨، جمع الجوامع: ٢ ص ٣٩٦، الإحكام، الآمدي: ٤ ص ١٣٠، تنقيح الفصول: ص ١٤٢، أصول السرخسي: ٢ ص ١٠٩، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٣٣٨، الروضة للنووي: ١١/ ١٤٧.
(٢) تيسير التحرير، المرجع السابق، كشف الأسرار: ٣ ص ٩٣٧، التوضيح والتلويح: ٢ ص ٢٧٧، أصول السرخسي: ١ ص ٣١٨، ٢ ص ١٠٥، وانظر أصول الفقه الإسلامي، شعبان: ص ٢٠٤، أبو حنيفة للشيخ محمد أبو زهرة: ص ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>