للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهاد واكتساب أنواع العلوم المختلفة وأنواع الصنائع وصلاة الجنازة ... وغيرها (١).

وحكمه أنه يتعلق بكل المكلفين عند الجمهور، فالقادر عليه يقوم بنفسه به، وغير القادر يحث غيره على القيام به، لأن الخطاب موجه لكل مكلف، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (٢)، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣)} [التوبة: ١٢٣]، وإذا قام به بعضهم فقد برئت ذمة الجميع، وإن لم يؤده أحد أثم الجميع، لأن القادر لم يؤده، وغير القادر لم يحث عليه (٣)، وهذا القسم يعطي صورة من صور التضامن في المجتمع المسلم.

وفي قول بعض الأصوليين: إن الواجب الكفائي يتعلق ببعض المكلفين، وهو بعض مبهم أو معلوم عند اللَّه تعالى، ولا نعلمه، أو هو متعلق بالمشاهد لمقتضى الواجب، بدليل أن الواجب يسقط عن الكل بفعل البعض، ولو كان واجبًا على الكل لم يسقط، إلا بفعلهم، وردَّ عليهم الجمهور بأنه لا تلازم بين وجوب الفعل وبين سقوطه، لأن المقصود وجود الفعل في الواقع، وقد وجد، فلم تبق علة الوجوب (٤).

ويقصد الشارع من الواجب الكفائي القيام به فقط دون اعتبار للقائم به، ويتحقق مقصد المشرع متى قام به بعض المكلفين بدون تعيين،


(١) مختصر ابن الحاجب: ص ٣٥، نهاية السول: ١ ص ١١٩، تيسير التحرير: ٢ ص ٢١٣، الموافقات: ١ ص ١٠٠، فواتح الرحموت: ١ ص ٦٣، الإحكام، الآمدي: ١ ص ٩٤، الفروق، القرافي: ١ ص ١١٦.
(٢) رواه ابن ماجه وابن عبد البر عن أنس.
(٣) المراجع السابقة في الهامش قبل السابق، الموافقات: ١ ص ١١٢، الفروق: ١/ ١١٦.
(٤) فواتح الرحموت: ١ ص ٦٤، أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>