القول الأول: يصح التكليف مع عدم حصول الشرط، والكافر مكلف بالصلاة مع عدم الإيمان، وذلك لأن الكفر مانع من إقامة الصلاة، ولكنه لا يعتبر مانعًا من التكليف، فالكافر يتمكن من إزالة المانع وهو الكفر، ويستطيع الدخول في الإيمان ثم يقيم الصلاة، وهو رأي الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وأكثر العراقيين من الحنفية، واستدلوا على ذلك بما يلي:
١ - القياس على الجنب والمحدث، فإنهما مأموران بالصلاة، ومكلفان فيها، بالرغم من وجود المانع من الصلاة، وهو الجنابة والحدث، وذلك لأنهما يتمكنان من إزالة المانع ثم القيام بالصلاة.
فوجود الجنابة والحدث لا يمنع التكليف بالصلاة، وكذلك الكفر أو عدم تحقق شرط الإيمان لا يمنع تكليف الكافر بالعبادات، فالعقيدة الباطلة منعته من الإيمان ويستطيع أن يزيلها ثم يصلي (١).
٢ - وردت عدة آيات تؤكد عقوبة الكافر على ترك الصلاة والزكاة وبقية فروع الشريعة، قال تعالى حكاية عن الكفار يوم القيامة: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)} [المدثر: ٤٢ - ٤٧]، فأخبرنا اللَّه تعالى أن من سبب دخول الكفار الجحيم أنهم تركوا الصلاة، فهذا يدل على أنهم مخاطبون بالصلاة ومكلفون بها، ولو لم يكلفوا بها لما سئلوا عنها، وأن القرآن الكريم جمع بين ترك الصلاة
(١) تسهيل الوصول: ص ٢٥٧، تيسير التحرير: ٢ ص ١٤٨، وما بعدها، فواتح الرحموت: ١ ص ١٢٨، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ١٥٣، القواعد والفوائد الأصولية: ص ٤٩، الأشباه والنظائر، للسيوطي: ص ٢٥٣، والأشباه والنظائر لابن نجيم: ص ٣٢٥، شرح الكوكب المير: ١ ص ٥٠١ وما بعدها، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك، للونشريسي: ص ٢٨٣.